تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الفترة، قلنا: يضمن؛ لأنه فرط وتأخر بإتمام الصفقة حتى حصل الضرر فيضمن، كذلك لو قلت له: خذ هذه الأطعمة وبعها واقبض ثمنها، وذهب وتأخر في بيعها فإنه يضمن أيضاً، فكما يضمن في البيع يضمن في الشراء، وكما يضمن في الشراء يضمن في البيع بالتفريط والتأخير، لكن لو أنه أخذ المال ولم يفرط مثلاً: قلت له: إذا أفرغ لك الأرض بعد الصفقة فأعطه ماله، فماطل البائع في إفراغ الأرض؛ صار هذا عذراً له أن يؤخر الثمن، فتأخر في دفع الثمن له شهراً، وخلال الشهر سُرِق المال أو احترق بيته بدون تعدٍ، واحترقت معه النقود، فحينئذٍ يعتبر خالي المسئولية ويده يد أمانة؛ لأنه أخر لعذر، حيث كان التأخير لإفراغ الأرض، وخشي من البائع أن يكون مماطلاً أو متلاعباً فاحتاط لحقك فهذا تأخير لعذر. ...... مسائل تتعلق بالوكالة قال رحمه الله: [وإن وكله في بيع فاسد فباع صحيحاً، أو وكله في كل قليل وكثير، أو شراء ما شاء أو عيناً بما شاء ولم يعين لم يصح]. ...... إذا وكل الوكيل في بيع فاسد فباع بيعاً صحيحاً فقوله: (وإن وكله في بيع فاسد فباع صحيحاً). إن وكله في بيع فاسد كبيع نسيئةٍ في ما لا يصح بيعه نسيئة، وبيع الربا ونحو ذلك من البيوع المحرمة، فباع بيعاً صحيحاً، فإذا باع بيعاً صحيحاً، فالسؤال: هل يصحح البيع أم لا؟ الجواب: لا يصحح البيع؛ لأنه حينما وكّله أن يبيع بيعاً محرماً كانت الوكالة باطلةً من أصلها، فأصبح المال أجنبياً، فإذا تصرف فيه -ولو تصرف تصرفاً صحيحاً- فهو غير لازم وغير صحيح، لكن يكون من بيع الفضول. مثال ذلك: لو قال له: بع هذا الطعام بطعام من نوعه متفاضلاً، أو قال له: بع هذه المائة الكيلو من التمر بمائتين، هذا ربا فضل، فذهب وباع التمر، مائةً بمائة، هذا بيع صحيح، حيث تم يداً بيد مثل بمثل، كما هو الأصل الذي دلّ عليه حديث عبادة رضي الله عنه، وقد تقدم معنا في باب الربا، فباع بيعاً صحيحاً، والذي وكله وكّله في بيع مائة بمائتين، فلما قال له: بع هذا التمر مائةً بمائتين كان بيعاً محرماً، والله تعالى يقول: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2] والوكالةُ إذا كانت على محرم وباطلٍ فهي باطلة، فإذا كانت الوكالة باطلة فكأن الوكيل يتصرف في مال أجنبي عنه غير مأذون له بالتصرف فيه، وقد ذكرنا أن تصرف الإنسان فيما لا يملكه وفيما لا حق له للتصرف فيه أن هذا التصرف يعتبر من التصرف الفضولي، فإذا امتنع صاحبه فإنه لا يصح، وقد بينا هذه المسألة في مسألة بيع الفضول. الخلاصة: أن من وكّل وكيله أن يبيع بيعاً فاسداً، فباع بيعاً صحيحاً فالوكالة في الأصل تبطل، وإذا بطلت الوكالة صار المال أجنبياً، وصار التصرف فيه في غير محل فلا يصح.

إذا فوض للوكيل بالوكالة في كل قليل وكثير قال رحمه الله: [أو وكله في كل قليل وكثير]. فقال له: أنت وكيلي في جميع أموري، لم يصح، وقد بينا هذا وتعرضنا لمسألة التوكيل بالوكالة المطلقة، والسبب في هذا: أن الوكالة المطلقة بأن يفوض له جميع الأمور أو يفوض له بأمرٍ خطير يعظم الغرر بالتفويض فيه وكالةٌ فاسدة؛ لأنها من الغرر وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه نهى عن الغرر)، وخاصةً في هذا الزمان، فلهذا تكلم بعض الفقهاء في صحة التوكيل المطلق، ولكن الصحيح والأشبه عدم صحتة لحديث ابن عمر في النهي عن الغرر؛ ولأن هذا يدخل على الإنسان غرراً عظيماً وضرراً كبيراً، فيقول له: أنت وكيلي في كل شيء، حتى إن بعضهم يقول له: أنت وكيلي حتى في تطليق نسائه، فهذا لا شك أنه يدخل الغرر والضرر على الموكل، والشريعة جاءت بدفع الضرر، فلو قال قائل: إنه رضي بإدخال الضرر على نفسه، نقول: إن الرضا إذا لم يكن في موضعه كان وجوده وعدمه على حدٍ سواء، وخاصةً في هذا الزمان؛ ولذلك نجد بعض الناس قد يأمن البعض ويوكله وكالةً، ثم لا يشعر إلا وقد أدخل عليه من البلاء ما الله به عليم، بل وصل ذلك خاصة في هذا الزمان إلى خيانة الولد لأمه نسأل الله السلامة والعافية، فقد مرت بي إحدى القضايا أن أماً وكلت ابنها وكالة مفوضة، وجعلت له أن يتصرف في أمورها كيف شاء، فكان كلما أراد شيئاً أخذ منها وكالةً مطلقة في نفس العقود التي تتصل بهذا الشيء فباع أملاكها، وكانت بخير ونعمة وتملك الملايين، فباع أموالها، وتصرف فيها، ومضت السنوات تلو السنوات وهو

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير