تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يماطلها في بعض حقوقها حتى جاءت الساعة التي فوجئت بدخول الضرر عليها، وأن موكلها قد أركبها الديون فضلاً عن حقوقها التي أضاعها، فذهب مالها، ولم يقف الأمر عند قضية هذا المال -وهو مصيبة عظيمة- بل ذهب واشترى باسمها، وعقد العقود -نسأل الله السلامة والعافية- باسمها، حتى فوجئت بسفره وغيابه فجأة، فأصبحت تسأل عنه ثم لم تشعر إلا بأصحاب الحقوق يطالبون بحقوقهم، وهذا أمر عظيم، وهذا لا شك أن فتح الباب في مثل هذه الوكالات والتفويضات المطلقة، يفتح باب شر عظيم على الموكل، والشريعة جاءت بدرء المفاسد وجلب المصالح، ولذلك أمرت بالحجر على السفيه؛ لأنها علمت أن مثله لا يحسن النظر لنفسه، فأقامت عليه من يحفظ ماله، فلا يجوز للمسلم أن يدخل على نفسه الضرر على هذا الوجه، بل تقوم على مالك، وإذا أردت أن توكل فوكل في الوقت المناسب والشخص المناسب في الشيء المناسب؛ لأن الله عز وجل أمرك أن تتقيه حتى في مالك الذي أعطاك إياه واستخلفك، لكي تقوم عليه بما ينبغي أن يقوم به المسلم في ماله من حسن النظر، وحسن الولاية عليه، فعلى هذا لا يجوز إدخال الضرر بمثل هذه الوكالات بأن يقول له: أنت وكيلي في كل قليلٍ وكثير، وأنت وكيلي في كل شيء حتى ولو كان بشيء فيه ضرر عليه ونحو ذلك مما فيه الغرر.

إذا فوض للوكيل شراء ما شاء بما شاء ولم يعين قال رحمه الله: [أو شراء ما شاء]. أن يقول له: أنت وكيلي أن تشتري ما شئت، فإن الشيء الذي يشاؤه قد لا تشاؤه ولا ترضاه ولا ترغبه، فتختلف أهواء الناس ورغباتهم، فلا يصح التوكيل على هذا. قال رحمه الله: [أو عيناً بما شاء]. أن تشتري بهذه المائة ما شئت، فهذا فيه ضرر، فربما اشترى شيئاً لا يريده، فأنت تقول له: اشتر بهذه المائة، وهذه المائة عين وهذه الألف وهذه العشرة آلاف هذا عين، تقول: اشتر بها ما شئت. قال رحمه الله: [ولم يعين لم يصح]. (ولم يعين) يعني: الوكالة المبهمة، لكن لو قال له: أنت وكيلي أن تشتري لي عمارةً فبعض العلماء يقول: يحدد الأوصاف بما يصح سلماً، فيقول له: بما يرتفع به الضرر وبما يصح فيه السلم فيقول له مثلاً: اشتر لي طعاماً من نوع كذا وكذا مائة صاعٍ، أو يقول له: اشتر لي أرضاً (20×20) أو (30×30) في المدينة أو في جدة أو في مكة، ويحدد له الوكالة على وجهٍ لا ضرر فيه ولا غرر.

الأسئلة ...... الإذن بالسكنى في البيت لا يستلزم الإذن بالبيع السؤال: قال رجلٌ لأخيه: اشتر العقار الفلاني واتخذه سكناً لك، فلما اشتراه الأخ باعه، فأنكر عليه ذلك البيع وقال: أنا لم آذن لك بالبيع فهل من حقه ذلك؟ الجواب: باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد: فالوكالة جاءت مقيدة: اشترِ العقار الفلاني واتخذه سكناً لك، فأصبحت وكالة بالشراء، فالشراء صحيح، ووكالة أن يسكن، فإذا تصرف بغير هذين فتصرفه باطل، وبيعه باطل إذا لم يأذن له الموكل ولم يرض، وعلى هذا ينفسخ هذا البيع، ويرد العقار للموكل، ولا يصح هذا البيع لأن تصرفه فضولي لم يأذن به موكله، ومن أذن بالسكن لا يأذن بالبيع، ولذلك قد آذن لأخي أن يسكن في داري، ولا أرغب في بيعه، وقد آذن له أن يبيت في مزرعتي أو يتخذها سكناً أو يتخذها مكاناً يرتاح فيه، ولكن لا أذن له أن يبيعها ويفوت مصالحي فيها ومُلكيتي لها، وعلى هذا: فبيعه باطل مُنفسخ إذا لم يرض به المالك الحقيقي، والله تعالى أعلم.

تصرفات وكيل البيع في حال توكيله بالبيع السؤال: ذكرتم -حفظكم الله- أن وكيل البيع له ثلاثة أمور: أولاً: يتم الصفقة، وثانياً: يمكن شرعاً من تسليم المبيع، فما هو الثالث منها؟ الجواب: قبض الثمن، فعندنا العقد -وهو صفقة البيع- ثم التسليم، ثم الاستلام، وهو استلام الثمن، والتسليم للمثمن وهو المبيع، الاستلام للثمن والعكس للمشتري، فالمشتري عنده الصفقة، وهي الإيجاب والقبول، ثم بعد ذلك تسليم الثمن، واستلام المثمن فهي عكسيةٌ بالنسبة للتسليم والاستلام، فالبائع يسلم المبيع ويستلم الثمن، والمشتري يسلم الثمن ويستلم المبيع، والله تعالى أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير