تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الذهب لكي يبيعه في السوق ففرط فيه حتى سرق منه، فسأل القاضي الوكيل وقال له: هذا الذهب الذي أخذته من فلان حفظته أو ضيعته أو تعديتَ فيه أو فرطت؟ قال: حفظته حفظاً تاماً، ولم أتعد ولم أفرط، فالسؤال حينئذٍ: هل القاضي يحكم بقول الموكل أو يحكم بقول الوكيل؟ قال العلماء: يطالب القاضي الموكل بالبينة والشهود على أن الوكيل قد فرط أو تعدى، فإن لم يقم البينة وقال: ما عندي شهود يشهدون على أنه تعدى أو فرط نقول: القول قول الوكيل، ولذلك طالبنا الموكل بالبينة؛ لأننا نطالب بالبينة من قوله خلاف الأصل، وبناءً على ذلك: لا نطالب الوكيل بالضمان، والقول قول الوكيل. فإذا كان القول قول الوكيل وقال الموكل: لا أصدقه، فحينئذٍ نقول للموكل: أحضرْ البينة، فإن عجز عن إحضار البينة قلنا للوكيل: احلف اليمين على أنك لم تتعد ولم تفرط؛ ولذلك يقول العلماء: القول قول الوكيل مع يمينه إن كذبه موكله. فيقبل الوكيل في نفي التفريط والتعدي، فنحن نحكم بأنه لم يتعد ولم يفرط حتى يقوم الدليل على أنه تعدى أو فرط، وهذا مفرع على قاعدة في باب القضاء وستأتينا: (أن الأصل براءة المتهم حتى يقوم الدليل على إدانته)، وهذا ما يعبر عنه العلماء بالقاعدة المشهورة: (الأصل براءة الذمة حتى يدل الدليل على شغلها)، فأنت إذا وكلت شخصاً ليقوم بأمرٍ، وحكمنا بكون الوكيل أميناً فلا نوجب على الوكيل الضمان، ولا نوجب على الوكيل تحمل المسئولية إلا إذا ثبت أنه فرط أو تعدى، فذمته خالية حتى يدل الدليل على أنها مشغولةٌ بالضمان. (والهلاك مع يمينه). يقبل قوله في نفي التعدي والتفريط ونفي الهلاك مع يمينه؛ لأن الأصل -كما ذكرنا- براءة ذمته حتى يدل الدليل على شغلها.

دعوى الوكالة في قبض الحقوق وأحوالها قال رحمه الله تعالى: [ومن ادعى وكالة زيد في قبض حقه من عمرو لم يلزمه دفعه إن صدقه ولا اليمين إن كذبه]. هذه المسألة من مسائل الوكالة: لك على رجل عشرة آلاف ريال أخذها منك ديناً، ولنفرض أن اسمه: زيد، فزيدٌ مديون لك بعشرة آلاف، فوجئ زيد برجل اسمه خالد وقف عليه وقال له: أريد العشرة الآلاف التي لعمرو عليك، وكلَني أن آخذها منك، (ومن ادعى وكالة زيد في قبض حقه من عمرو). إذا ادعى شخص أنه وكيل لشخص في قبض مال أو قبض أي حق من الحقوق فالسؤال: هل من حق هذا المديون أن يدفع المال إلى هذا الرجل الذي ادعى أنه وكيل؟ فرغ المصنف من أحكام الوكالة وآثارها، وشرع في مسألة دعوى الوكالة، فإذا ادعى شخصٌ أنه وكيلٌ عن شخص فلا يخلو من حالتين: ...... دعوى الوكيل الوكالة مع وجود بينة الشهود الحالة الأولى: أن يقيم الشهود، جاءك رجل وقال لك: العشرة الآلاف التي لزيد عليك وكلني أن أقبضها منك، قلت له: يا أخي! لا أعرفك وأحتاج إلى دليل، أو أثبت لي أن زيداً قد وكلك، فقال: فلانٌ وفلان يشهدان أن زيداً وكلني أن أقبض منك العشرة الآلاف فجيء بالشهود وشهدوا أن زيداً وكله، فالحكم حينئذٍ أنه يجب على المديون أن يدفع المبلغ للوكيل، وقد ثبتت الوكالة، ويحكم بها في مسألتين: في تقاضي الأفراد مع بعضهم، ويحكم بها في مجلس القضاء، فالقاضي إذا ثبت عنده بالشهود أن محمداً وكل زيداً في قبض حقه عند عمرو، فإنه يلزم عمراً بدفع ذلك المال والحق إلى الوكيل. لكن لو ظهر في المستقبل أن هؤلاء الشهود كذبوا، وأنه غير صادقٍ، واغتر القاضي بظاهرهم وكانوا يعرفون بالعدالة والزهد على الظاهر، ثم تبين أنهم كذبوه، فإذا تبين كذبهم فإنهم يتحملون المسئولية عن الضرر الناتج عن هذه الوكالة المكذوبة. فعندنا الحالة الأولى: أن يثبت عند القاضي أو يثبت عند المديون أن صاحب الحق قد وكّل، فالحكم أنه يجب دفع المال إلى الوكيل، ويجب العمل بهذه الوكالة؛ لأن صاحب الحق قد رضي بهذا الوكيل وأقامه مقامه، فاستحق أن يطالبه وأن يدفع المال إليه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير