عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن جسده فيما أبلاه وعن عمله كيف عمل فيه وعن ماله مما أكتسبه وفيما أنفقه ". (صحيح)
عن منصور بن المعتمر في قوله تعالى: (وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا) قال عمرك فيها أن تعمل فيها لآخرتك.
قال سفيان الثوري: " من لعب بعمره ضيع أيام حرثه ومن ضيع أيام حرثه ندم أيام حصاده ".
وقال بعضهم:
إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصدا * ندمت على التفريط في زمن البذر
قال القرشي أنشدني أبو عبد الله الحنظلي:
أعيناي هل لا تبكيان على عمري * تناثر عمري من يدي ولا أدري
إذا كنت قد جاوزت عشرين حجة * ولم أتأهب للممات فما عذري
وبعد هذا كله فإن الكلام مع الشباب فإن زمانه زمان العمل والمجاهدة في ترك الهوى والبطالة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الشباب شعبة من الجنون ". (ضعيف)
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قل ما يخطب إلا قال: "إن شرخ الشباب والشعر الأسود ما لم يعاض كان من الجنون ".
وقال أبو موسى: " جنون الشباب جنون ".
وقال سمرة بن جندب: " اتقوا سن الشباب فإنما الشباب جنون ".
وقال مالك بن دينار: " إنما الخير في الشباب ".
وقد روينا أن لله جلت قدرته يقول: " أيها الشاب التارك شهوته من أجلي أنت عندي كبعض ملائكتي ".
وأعلم أن من طالع سير السلف الصالح عاش قلبه الميت بالهوى، ومن تفكر في العواقب واتعظ فقد استعمل غاية الدوا، وأقرب الأشياء إلى السلامة مفارقة من ضل وغوى.
عن محمد بن إسحاق قال: " قال بعض الحكماء كيف يضيع الدنيا من يومه يهدم شهره وشهره يهدم سنته وسنته تهدم عمره كيف يفرح بالدنيا من يقوده عمره إلى أجله وتقوده حياته إلى موته ".
عن محمد بن واسع قال: قال خليد العصري: " كلنا قد أيقن بالموت وما نرى له مستعدا وكلنا قد أيقن بالجنة وما نرى لها عاملا وكلنا قد أيقن بالنار وما نرى لها خائفا فعلى ما تفرحون وما عسيتم تنتظرون الموت فهو أول وارد عليكم من الله عز وجل بخير أو بشر فيا أخوتاه سيروا إلى ربكم سيرا جميلا ".
وكان الحسن يقول: " التنور يسجر والسكين تحد والكبش يعلف وقال عجبا لقوم أمروا بالزاد ونودي فيهم بالرحيل وحبس أولهم على آخرهم وهم قعود ويلعبون ".
وقال أبو عمران الجوني: " لا يغرنكم من ربكم عز وجل طول النسيئة فإن أخذه أليم شديد حتى متى تبقى وجوه أولياء الله تعالى تحت أطباق الثرى وإنما هم محبوسون ببقية آجالكم حتى يبعثهم الله عز وجل إلى جنته وثوابه ".
وعن سفيان بن عيينه إنه قال: " كان رجل من السلف يلقي الأخ من إخوانه فيقول يا هذا إن استطعت أن لا تسيء إلى من تحب فأفعل فقال له رجل وهل يسيء الإنسان إلى من يحب قال نعم نفسك هي أعز الأنفس عليك فإذا عصيت الله تعالى فقد أسأت إليها ".
وقال خويل بن محمد -وكان عابدا-: " كأن خويل وقد وقف للحساب فقيل يا خويل بن محمد قد عمرناك ستين سنة فما صنعت فيها فجُمع نوم ستين سنة مع قائلة النهار فإذا قطعة من عمري نوم وجُمعت ساعات أكلي فإذا قطعة من عمري قد ذهبت في الأكل ثم جُمعت ساعات وضوئي فإذا قطعة من عمري قد ذهبت فيها ثم نظرت في صلاتي فإذا صلاة منقوصة وصوم منخرق فما هو إلا عفو الله تعالى أو الهلكة ".
وكان ثوبة بن الصمة بالرَّقَة وكان محاسبا لنفسه فحسب عمره ذات يوم فإذا هو أن ستين سنة فحسب أيامها فإذا هي واحد وعشرون ألف يوم وستمائة يوم فصرخ وقال يا ويلتي ألقى الملك بواحد وعشرين ألف ذنب كيف وفي كل يوم عشرة ألاف ذنب ثم خر مغشيا عليه فإذا هو ميت فسمعوا قائلا يقول يا لكِ ركضة إلى الفردوس الأعلى ".
الخاتمة
قال المؤلف رحمة الله تعالى عليه: قد أشرنا في هذا الكتاب إلى ما يكفي فيما قصدنا له وسير المجتهدين كثيرة وإنما ذكرنا نبذة من أمهات السير والمعاني (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ).
ويستحب لمن نظر في كتابنا هذا أن يضيف إليه كتاب "العزلة" فإنه أصل في مبادرة العمر وكتاب "الإخلاص" فهو أصل الأصول.
ونسأل الله سبحانه وتعالى توفيقا يحرسنا به من الزلل، ويحثنا على الجد والإخلاص في العمل، بمنه وكرمه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[صلاح أمين]ــــــــ[05 - 12 - 09, 05:19 م]ـ
الكتاب بصغتي وورد + الشاملة
http://salaheldin85.altervista.org/7efz_al3omr.rar
ـ[أبو معاذ السلفي المصري]ــــــــ[05 - 12 - 09, 05:22 م]ـ
ممكن pdf
بارك الله فيك
ـ[صلاح أمين]ــــــــ[05 - 12 - 09, 05:23 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد أن أنبه على أمرين:
الأول: أن النسخة التي نقلتُ منها الكتاب محذوفة الأسانيد وهي أسانيد ابن الجوزي رحمه الله وهي نسخة طوكيو الموجودة هنا في المنتدى.
الثاني: أن الحكم على بعض الأحاديث والآثار التي في النقل من تصحيح وتضعيف هي من حكم الشيخ صالح بن عبد الله العصيمي أحسن الله إليه من تعليقه على الكتاب من سلسلة دورات الدرس الواحد والشيخ فيما أظن حكم على أسانيد ابن الجوزي في الكتاب ومعلوم أنه لا يستلزم من صحة الإسناد أو ضعفه صحة الحديث أو ضعفه فهو كحكم مبدئي عليها.
وإن كنتُ أخطأتُ في شيء فأرجو التنبيه عليه، وأستغفر الله من أي خطأ.
والله ولي النفع، وجزاكم الله خيراً.
¥