وكذلك أحمد بن عبدالرحمن بن وهب بن مسلم القرشي أبو عُبيد الله المصري ابن أخي عبدالله بن وهب المصري، روى عنه مسلم رحمه الله (). وذكر الحاكم: أنه اختلط بعد الخمسين ومائتين بعد خروج مسلم من مصر ().
وكذلك إذا ثبت لدينا أن الراوي عن المختلط روى عنه، ومات قبل اختلاط شيخه المختلط.
وهذا سعيد بن عبدالعزيز التنوخي كان فقيهاً مفتي دمشق وعالمها بعد الأوزاعي.
مات سنة (167ه) ولم يذكر ابن الكيال من سمع منه قبل الاختلاط ومن سمع منه بعد الاختلاط.
قال الدكتور عبدالقيوم في تعليقه على الكواكب النيرات: ((لم يذكر المؤلف رحمه الله من سمع منه قبل الاختلاط وبعده، وقد بحثت كثيراً فما وجَدْتُ من أئمة هذا الشأن نصّاً في المطلوب، إلا أن المزي رحمه الله تعالى ذكر شعبة وسفيان الثوري من جملة تلامذته وهما قد تُوفِّيا قبل سعيد بن عبدالعزيز لسنواتٍ؛ لأن شعبة توفي في سنة (160ه) والثوري في سنة (161ه) وبذلك نستطيع أن نقول: إنهما رَوَيا عنه قبل اختلاطه)) ().
قلت: هذا استنباط جيد مقبول في محله، ولا يقال: لعل اختلاط سعيد التنوخي استمر أكثر من سبع سنواتٍ أو ست سنوات، لأنه لو كان الأمر كذلك لاشتهر عند الأئمة، ولَنَصُّوا عليه فالظاهر أن سماع شعبة والثوري في حال صحته.
2 - أن يكون الراوي عن المخلط سمع منه بعد اختلاطه.
فهذا تُرد روايته وتضعف بانفراده كسائر مَنْ عُرِفَتْ رواياتهم عن المخلطين حال الاختلاط.
فمنهم سعيد بن أبي عروبة أبو النضر () البصري فقد نص الأئمة على من سمع منه قبل الاختلاط ومن سمع منه بعد الاختلاط.
3 - أن يكون الراوي عن المختلط سمع منه قبل الاختلاط وبعده.
فلم تتميز روايته كرواية أبي عوانة: وضاح بن عبدالله اليشكري، قال ابن معين: كان عطاء بن السائب قد اختلط، قال: سَمِعْتُ من عَبيدة ثلاثين حديثاً، فقلت: (عباس الدوري) ليحيى: فما سمع منه جرير وذووه ليس هو صحيح؟ قال: لا. ماروى هو وخالد الطحان -كأنه يُضَعِّفُهم- إلا من سمع منه قديماً.
قال يحيى: وقد سمع أبو عوانة منه في الصحة وفي الاختلاط جميعاً ().
ونُقل عن ابن معين: قوله: لم يسمع عطاء من يعلى بن مُرَّةَ، واختلط وما سمع منه جرير ليس من صحيح حديثه، وسمع منه أبو عوانة في الصحة والاختلاط، فلا يحتج بحديثه ().
4 - أن يكون روى الراوي عن المختلط قبل الاختلاط وبعده، ولكنه تميّزت أحاديثه فما ميز من رواياته قبل الاختلاط فهو صحيح، وما لا فهو ضعيف.
5 - أن يكون الراوي عن المختلط سمع منه بعد الاختلاط لكن لم يرو رواياته التي سمع منه في الاختلاط، فهذا كأنه لم يرو عنه مطلقاً.
قال أبو داود: ((إسحاق بن راهويه تغير قبل أن يموت بخمسة أشهر وسمعت منه تلك الأيام ورميت به)) () ().
6 - أن يكون الراوي المختلط لم يحدث حال اختلاطه فهذا جميع رواياته مقبولة صحيحة.
قال عبدالرحمن بن مهدي: ((جرير بن حازم (أبو النضر العتكي الأزدي) اختلط، وكان له أولاد أصحاب حديث، فلما خشوا ذلك منه حجبوه، فلم يسمع منه أحد في اختلاطه شيئاً)) (). وكإبراهيم بن أبي العباس السامري.
قال ابن سعد: ((اختلط في آخر عمره فحجبه أهله في منزله حتى مات)) ().
وأورده الذهبي في الميزان ثم قال: ((فما ضره الاختلاط، وعامة من يموت يختلط قبل موته، وإنما المضعف للشيخ أن يروي شيئاً زمن اختلاطه)) ().
7 - أن يكون الراوي المختلط لم يحدث إلا من كتابه فهذا لا يتطرق إليه الضعف مثل عبدالرزاق فقد روى عن مصنفه حال اختلاطه.
قال البخاري: ((ما حدث عنه عبدالرزاق من كتابه فهو أصح)) ().
وقال السخاوي: ((وقال الحاكم: قلت للدارقطني أيدخل في الصحيح (يعني حديث عبدالرزاق الصنعاني) قال: إي والله وكأنهم لم يبالوا بتغير عبدالرزاق لكونه إنما حدثه من كتبه لا من حفظه قاله المصنف)) ().
وهناك قصة طريفة في مسائل البرذعي لأبي زرعة:
¥