اشْرَحْ بِهِ صَدْري لمِعْرفةِ الهُدى ... واعصِمْ بِهِ قَلْبي مِنَ الشَّيْطانِ
يَسِّر بِهِ أَمْري واقض مَآرِبي ... وَأَجِرْ بِهِ جَسَدي مِنَ النّيرانِ
وَاحْطُطْ بِهِ وِزْري وَأَخلِصْ نِيَّتي ... واشْدُدْ بِهِ أَزْري وَأَصْلِحْ شاني
واكْشِفْ بِهِ ضُرّي وَحَقِّق تَوْبَتي ... وَأرْبِحْ بِهِ بَيْعي بِلا خُسْراني
طَهِّر بِهِ قَلْبي وَصَفِّ سَريرَتي ... أَجمِل بِهِ ذِكْري وَأعْلِ مَكاني
واقطَع بِهِ طَمَعي وَشَرِّف هِمَّتي ... كَثِّرْ بِهِ وَرَعي وَأحْيِ جَناني
أَسْهِرْ بِهِ لَيْلي وأظْمِ جَوارِحي ... أَسْبِلْ بِفَيضِ دُموعَها أَجْفاني
وامْزُجْهُ يا رَبِّ بِلَحْمي مَعَ دَمي ... واغْسِلْ بِهِ قَلْبي مِنَ الأَضْغاني
فصل
أَنْتَ الَّذي صَوَّرْتَني وَخَلَقْتَني ... وَهَدَيْتَني لِشَرائِعِ الإِيمانِ
أَنْتَ الَّذي عَلَّمتَني وَرَحِمْتَني ... وَجَعَلْتَ صَدْري واعِيَ القُرْآنِ
أَنْتَ الَّذي أَطْعَمْتَني وَسَقَيْتَني ... مِنْ غَيْرِ كَسْبِ يَدٍ وَلا دُكّانِ
وَجَبَرْتَني وَسَتَرْتَني وَنَصَرتَني ... وَغَمَرتَني بالفَضْلِ وَالإِحْسانِ
أَنْتَ الَّذي آوَيْتَني وَحَبَوْتَني ... وَهَدَيْتَني مَنْ حَيْرَةِ الخِذلانِ
وَزَرَعْتَ لي بَينَ القُلوبِ مَوَدَّةً ... وَالعَطْفَ مَنْكَ بِرَحمةٍ وَحَنانِ
وَنَشَرتَ لي في العالمَينَ محَاسِناً ... وَسَتَرْتَ عَنْ أَبْصارِهِمْ عِصْياني
وَجَعَلْتَ ذِكْري في البَرِيَّةِ شائِعاً ... حَتّى جَعَلْتَ جَميعَهُم إِخواني
وَاللَهِ لَو عَلِموا قَبيحَ سَريرَتي ... لأَبى السَلامَ عَلَيَّ مَنْ يَلْقاني
وَلأَعْرَضوا عَنّي وَمَلّوا صُحْبَتي ... وَلَبُؤْتُ بَعْدَ كَرامَةٍ بِهَوانِ
لَكِنْ سَتَرْتَ مَعايِبي وَمَثالِبي ... وَحَلِمْتَ عَن سَقَطي وَعَن طُغياني
فَلَكَ المَحامِدُ وَالمَدائِحُ كُلُّها ... بِخَواطِري وَجَوارِحي وَلِساني
وَلَقَد مَنَنْتَ عَليَّ رَبِّ بِأَنعُمٍ ... مالي بِشُكرِ أَقَلِّهِنَّ يَدانِ
فَوَحَقِّ حِكمَتِكَ الَّتي آتَيْتَني ... حَتّى شَدَدْتَ بِنورِها بُرْهاني
لَئِن اجْتَبَتْنيَ مِن رِضاكَ مَعونَةٌ ... حَتّى تُقَوّي أَيْدُها إِيماني
لأُسَبِّحَنَّكَ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً ... وَلَتَخْدُمَنَّكَ في الدُجى أَرْكاني
وَلأذْكُرَنَّكَ قائِماً أَو قاعِداً ... وَلأَشْكُرَنَّكَ سائِرَ الأَحْيانِ
وَلأَكْتُمَنَّ عَنِ البَريَّةِ خَلَّتي ... وَلأَشْكُوَنَّ إِلَيكَ جَهْدَ زَماني
وَلأَقصِدَنَّكَ في جَميعِ حَوائِجي ... مِن دونِ قَصْدِ فُلانَةٍ وَفُلانِ
وَلأَحْسِمَنَّ عَنِ الأَنامِ مَطامِعي ... بِحُسامِ يَأْسٍ لَمْ تَشُبْهُ بَناني
وَلأَجْعَلَنَّ رِضاكَ أَكبَرَ هِمَّتي ... وَلأَضْرِبَنَّ مِنَ الهَوى شَيْطاني
وَلأَكْسُوَنَّ عُيوبَ نَفسي بِالتُقى ... وَلأَقْبِضَنَّ عَن الفُجورِ عِناني
وَلأَمْنَعَنَّ النَفْسَ عَن شَهَواتِها ... وَلأَجْعَلَنَّ الزُّهْدَ مِنْ أَعْواني
وَلأَتلُوَنَّ حُروفَ وَحيِكَ في الدُّجى ... وَلأُحْرِقَنَّ بِنورِهِ شَيطاني
معتقد أهل السنة في كتاب الله عزوجل وبعض صفاته
أَنتَ الَّذي يا رَبِّ قُلْتَ حُروفَهُ ... وَوَصَفتَهُ بالوَعْظِ وَالتِّبْيانِ
وَنَظَمْتَهُ بِبَلاغَةٍ أَزَليةٍ ... تَكْييفُها يَخْفى عَلى الأَذْهانِ
وَكَتَبتَ في اللَّوْحِ الحَفيظِ حُروفَهُ ... مِن قَبْل خَلْقِ الخَلْقِ في أَزْمانِ
فاللَهُ رَبّي لَم يَزَل مُتَكَلِّماً ... حَقّاً إِذا ما شاءَ ذو إِحْسانِ
نادى بِصَوتٍ حينَ كَلَّمَ عَبْدَهُ ... موسى فأَسمَعَهُ بِلا كِتْمانِ
وَكَذا يُنادي في القِيّامَةِ رَبُّنا ... جَهْراً فَيَسْمَعُ صَوْتَهُ الثَّقَلانِ
أَنْ يا عِبادي أَنْصِِتوا لي واسْمَعوا ... قولَ الإِلَهِ المالِكِ الدَّيّانِ
هَذا حَديثُ نَبيِّنا عَن رَبِّهِ ... صِدْقاً بِلا كَذِبٍ وَلا بُهْتانِ
لَسْنا نُشَبِّهُ صَوتَهُ بِكَلامِنا ... إِذ لَيسَ يُدْرَكُ وَصْفُهُ بِعَيانِ
لا تَحْصُرُ الأَوْهامُ مَبلَغَ ذاتِهِ ... أَبَداً وَلا يَحْويهِ قُطْرُ مَكانِ
وَهُوَ المُحيطُ بِكُلِّ شَيءٍ عِلمُهُ ... مِن غَيرِ إِغفالٍ وَلا نِسْيانِ
مَن ذا يُكَيِّفُ ذاتَهُ وَصِفاتِهِ ... وَهُوَ القَديمُ مُكَوِّنُ الأَكْوانِ
¥