سُبْحانَهُ مَلِكاً عَلى العَرشِ استَوى ... وَحَوى جَميعَ المُلكِ وَالسُلطانِ
وَكَلامُهُ القُرآنُ أَنْزَلَ آيَهُ ... وَحْياً عَلى المَبْعوثِ مِن عَدْنانِ
صَلى عَلَيْهِ اللَهُ خَيْرَ صَلاتِهِ ... ما لاحَ في فَلَكَيْهِما القَمَرانِ
هُوَ جاءَ بالقُرآنِ مِنْ عَنْدِ الَّذي ... لا تَعْتَريهِ نَوائِبُ الحَدَثانِ
تَنزيلُ رَبِّ العالمينَ وَوَحْيُهُ ... بِشَهادَةِ الأَحْبارِ وَالرُهْبانِ
وَكَلامُ رَبّي لا يَجيءُ بِمِثلِهِ ... أَحَدٌ وَلَوْ جُمِعَتْ لَهُ الثَّقَلانِ
وَهُوَ المَصونُ مِنَ الأَباطِلِ كُلِّها ... وَمِنَ الزِيادَةِ فيهِ وَالنُقْصانِ
مَن كانَ يَزْعُمُ أَنْ يُباري نَظَمَهُ ... وَيَراهُ مِثلَ الشِّعْرِ وَالهَذَيانِ
فَلْيَأْتِ مِنهُ بِسورَةٍ أَوْ آيَةٍ ... فَإِذا رَأى النَظْمَينِ يَشْتَبِهانِ
فَليَنفَرِد باسمِ الأُلوهِيةِ وَليَكُنْ ... رَبَّ البَريَّةِ وَليَقُلْ سُبْحاني
فَإِذا تَناقَضَ نَظْمُهُ فَلْيَلْبِسَن ... ثَوَبَ النَقيصَةِ صاغِراً بِهَوانِ
أَو فَليُقِرَّ بِأَنَّهُ تَنْزيلُ مَنْ ... سَمّاهُ في نَصِّ الكِتابِ مَثاني
لا رَيبَ فيهِ بِأَنَّهُ تَنْزيلُهُ ... وَبِدايَةُ التَنْزيلِ في رَمَضانِ
اللَهُ فَصَّلَهُ وأَحَكَمَ آيَهُ ... وَتَلاهُ تَنْزيلاً بِلا أَلحْانِ
هُوَ قَولُهُ وَكَلامُهُ وَخِطابُهُ ... بِفَصاحَةٍ وَبَلاغَةٍ وَبيانِ
هُوَ حُكمُهُ هُوَ عِلمُهُ هُوَّ نورُهُ ... وَصِراطُهُ الهادي إِلى الرِضوانِ
جَمَعَ العُلومَ دَقيقَها وَجَليلَها ... فيهِ يَصولُ العالِمُ الرَبّاني
قَصَصٌ عَلى خَيرِ البَريَّةِ قَصَّهُ ... رَبّي فأَحَسَنَ أَيَّما إِحْسانِ
وَأَبانَ فيهِ حَلالَهُ وَحَرامَهُ ... وَنَهى عَن الآثامِ وَالعِصْيانِ
مَنْ قالَ إِنَّ اللَه خالِقُ قَوْلِهِ ... فَقَدْ اسْتَحَلَّ عِبادَةَ الأَوثانِ
مَنْ قالَ فيهِ عِبارَةٌ وَحِكايَةٌ ... فَغَداً يُجَرَّعُ مِنْ حَميمٍ آنِ
مَن قالَ إِنَّ حُروفَهُ مَخْلوقَةٌ ... فالْعَنهُ ثمُ َّاهْجُرْهُ كُلَّ أَوانِ
لا تَلْقَ مُبْتَدِعاً وَلا مُتَزَنْدِقاً ... إِلّا بِعَبْسَةِ مالِكِ الغَضْبانِ
وَالوَقْفُ في القُرْآنِ خُبْثٌ باطِلٌ ... وَخِداعُ كُلِّ مُذَبْذَبٍ حَيْرانِ
قُلْ غَيْرُ مَخْلوقٍ كَلامُ إلهِنا ... واعْجَلْ وَلا تَكُ في الإجابَةِ واني
أَهْلُ الشَريعَةِ أَيْقَنوا بِنُزولِهِ ... وَالقائِلونَ بِخَلقِهِ شَكْلانِ
وَتَجَنَّبِ اللَّفْظَيْنِ إِنَّ كِلَيْهِما ... وَمَقالُ جَهْمٍ عِنْدَنا سِيّانِ
يا أَيُّها السُنِّيُّ خُذْ بِوَصِيَّتي ... وَاخْصُصْ بِذَلِكَ جُمْلَةَ الإِخْوانِ
وَاقْبَلْ وَصِيَّةَ مُشْفِقٍ مُتَوَدِّدٍ ... وَاسْمَعْ بِفَهمٍ حاضِرٍ يَقْظانِ
كُنْ في أُمورِكَ كُلِّها مُتَوَسِّطاً ... عَدْلاً بِلا نَقْصٍ وَلا رُجْحانِ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ اللَهَ رَبٌّ واحِدٌ ... مُتَنَزِّهٌ عَنْ ثالِثٍ أَوْثانِ
الأَوَّلُ المُبدي بِغَيرِ بِدايَةٍ ... وَالآخِرُ المُفْني وَلَيْسَ بِفانِ
وَكَلامُهُ صِفَةٌ لَهُ وَجَلالَهُ ... مِنهُ بِلا أَمَدٍ وَلا حَدَثانِ
رُكْنُ الدِّيانَةِ أَنْ تُصَدِّقَ بالقَضا ... لا خَيْرَ في بَيْتٍ بِلا أَرْكانِ
اللَهُ قَدْ عَلِمَ السَعادَةَ وَالشَقا ... وَهُما وَمَنْزِلَتاهُما ضِدَّانِ
لا يَمْلِكُ العَبْدُ الضَعيفُ لِنَفْسِهِ ... رُشْداً وَلا يَقْدِرُ عَلى خِذْلانِ
سُبْحانَ مَنْ يُجْري الأُمورَ بِحِكْمَةٍ ... في الخَلْقِ بالأَرْزاقِ وَالحِرمانِ
نَفَذَتْ مَشيئَتُهُ بِسابِقِ عِلْمِهِ ... في خَلْقِهِ عَدْلاً بِلا عُدْوانِ
وَالكُلُّ في أُمِّ الكِتابِ مُسَطَّرٌ ... مِنْ غَيْرِ إِغْفالٍ وَلا نُقْصانِ
فاقْصِدْ هُديتَ وَلا تَكُنْ مُتَغالياً ... إِنَّ القُدورَ تَفورُ بالغَلَيانِ
دِنْ بالشَريعَة وَالكِتابِ كِلَيْهِما ... فَكِلاهُما لِلدينِ واسِطَتانِ
وَكَذا الشَريعَةُ وَالكِتابُ كِلاهمُا ... بِجَميعِ ما تَأْتيهِ مُحْتَفِظانِ
وَلِكُلِّ عَبْدٍ حافظانِ لِكُلِّ مَا ... يَقَعُ الجَزاءُ عَلَيْهِ مَخْلوقانِ
أُمِرا بِكَتْبِ كَلامِهِ وَفِعالِهِ ... وَهُما لِأَمرِ اللَهِ مُؤْتَمِرانِ
وَاللَهُ صِدْقٌ وَعْدُهُ وَوَعيدُهُ ... مِمّا يُعايِنُ شَخْصَهُ العَيْنانِ
¥