تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واعجباه!! .. لقد تعللوا لأبيهم من قبل أنه بذهاب يوسف معهم سيلعب وهم له الحافظون فإذا هم يقولون الآن: إنه كان هو الحافظ لمتاعهم وهم الذاهبون اللاعبون وقالوا إنه سيرتع ويأكل كيف شاء فإذا هوالمأكول ... وقالوا لئن أكله الذئب وهم عصبة إنهم إذا لخاسرون فإذا عصبتهم هي التي أبعدتهم عن يوسف للربح في السبق وإذا يعقوب ويوسف هما المفترقان الخاسران.< o:p>

لقد كان ادعاؤهم ضعيفاً واهناً غيرمعقول ولامقبول لعدة أسباب:< o:p>

· لم يوجد علي القميص من أثر يوسف أوالذئب شيء سوي دم نكرة.< o:p>

· إن حادثة كبيرة فظيعة كهذه لايكتفي فيها ببينة ثانوية هامشية فأين الجاني وأين المجني عليه .. هل اختفيا من الوجود وبلعتهما الأرض؟ < o:p>

· ألن يستطيعوا إدراك الذئب المعرف فينقذوا أخاهم من براثنه أومابقي منه لدفنه وهل الذئب يأكل الإنسان كاملا فلايبقي له علي عظم أوجلد أوشعر؟ < o:p>

· ألم يكن الذئب هوالذي حذرهم أبوهم منه فأكدوا علي استعدادهم جميعا للوقوف صفاً واحداً لحماية يوسف منه ويكون هو نفسه العلة التي أتوا بها؟ < o:p>

إن يعقوب النبي الحكيم لم يصدق ادعاءهم ولم يقتنع به وعلم أن نفوسهم المريضة قد دعتهم وأغرتهم بأمرسيء آخر .... ولكن يعقوب أيضا لايملك دليلاً بيناً مضاداً يدينهم ويجرمهم ومن ثم يعاقبهم.< o:p>

ولما لم يكن أمامه ما يمكنه القيام به فقد أسقط في يديه و (قال بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُوَن).< o:p>

فسلاح المؤمن في مثل هذا هو فصبر جميل .... فما علي الإنسان العاقل أمام النوازل التي لايستطيع لها صرفاً ولا تحويلاً ولا تدبيراً إلا أن يلجأ إلي الصبر< o:p>

تلك الصفة التي جعلها الخالق الحكيم في الإنسان لإمتصاص الصدمات وتخفيف الآلام وتحمل الشدائد والصعاب ... فالمؤمن الثابت الإيمان الصادق اليقين صبره (صبر جميل) لاشكوي فيه ... وكيف يشكو وهويؤمن أن ما أصابه هو من عند الله إما إبتلاء وتمحيص وإما جزاءً عادلاً ... وأن تدبيرالله تدبير حكيم عليم.< o:p>

يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (عجباً لأمرالمؤمن إن كل أمره له خيروليس ذلك إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له) (صحيح مسلم).< o:p>

فالمؤمن يعلم أنه موصول بالله متصل به ... فمصيبته هي من الله مصدراًَ وهي إلي الله مرجعاً ... فهو يشعر بالمعية الإلهية (إن الله مع الصابرين).< o:p>

وهكذا انتهي حوارالإخوة مع أبيهم بعد فعلتهم ونجاح كيدهم وبه ينتهي أيضاً الفصل الأول من القصة بإنتهاء إقامة يوسف مع أبويه وإخوته وفي موطنه ومربع صباه.< o:p>

ومن هنا تبدأ رحلة البعد والفراق والإغتراب التي كاد الإخوة فيها ليوسف شراً وأرادها الله له خيراً في دينه ودنياه ومآله.< o:p>

( وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يا بُشْرَى هَذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ* وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَاهِدِينَ) < o:p>

ثم جاءت رفقة مارة مسافرون في طريقهم من الشام إلي مصر فأرسلوا واردهم ليحضرلهم الماء فرجع إليهم بالماء والغلام فأسروه بضاعة وباعوه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين.< o:p>

وهكذا ينتهي المطاف بيوسف الصبي الصغير المُجتبي المُنعم الموحي إليه من رب العزة والجلال إلي أن يصير بضاعة مملوكاً يباع ويشتري والعبرة في الخاتمة والمآل (والعاقبة للمتقين) < o:p>

فحكمة الله في تقديرالأمور تجري بعلم وحكمة وعدل ... والخيرية للمؤمن تدركه كيفما كان وعلي أي وجه من الإبتلاء ومصائب الضراء والسراء وإلى هنا ينتهى مشهد السيارة ورحلة يوسف الغلام معهم.< o:p>

يتبع إن شاء الله تعالي< o:p>

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير