هؤلاء الصليبيين؟ الأمر في حالة طه حسين أيسر فهماً؛ فهو لم يقع في الفخ، وإنما قرر باختياره الحر أن يشارك الصليبيين في نصب الأفخاخ لبني قومه ودينه، أما أحمد أمين، بالرغم من ذكائه وعلمه وصدق إسلامه، فقد وقع "زي الشاطر" في حبائل الشيطان.
واستطرد يقول:
ـ كلمني هذا الصباح المدعو مارسدن جونز الأستاذ بالجامعة الأمريكية في القاهرة، يريد أن يجتمع بي .. رفضت، وقلت له: إنني لا أريد أن أجتمع به .. أتسمع عن مارسدن جونز هذا؟.
ـ محقق كتاب "المغازي" للواقدي.
ـ آه! حتى أنت قد صدقت هذه الأكذوبة كسائر الناس .. مارسدن جونز لم يحقق مغازي الواقدي ولا بذل فيه إلا أضعف الجهد .. وهذا هو السبب في أني رفضت مقابلته. فقد حدث يوماً أن جاءني رجل مصري غلبان اسمه عبدالفتاح الحلو، وأخبرني أنه هو الذي حقق كتاب المغازي من أوله إلى آخره بناءً على تكليف من مارسدن جونز، ومقابل بضعة جنيهات كان في حاجة ماسة إليها، ولم يظهر اسمه على الغلاف لا باعتباره محققاً ولا حتى باعتباره مشتركاً في التحقيق، واكتفى جونز بالإشارة إليه في المقدمة باعتباره أحد الذين قدّموا له العون أثناء تحقيقه للكتاب!! هذا مجرد مثل لأخلاقيات هؤلاء المستشرقين الذين تغنَّى والدك بفضلهم!.
ـ وما الذي مال بك إلى تصديق زعم عبدالفتاح الحلو دون تصديق زعم مارسدن جونز أنه محقق الكتاب؟.
قال شاكر في ضيق وهو يتململ في كرسيه مؤذناً بانتهاء الجلسة:
ـ الذي مال بي إلى تصديق زعم الحلو يا سيد حسين هو معرفتي بأخلاقيات المستشرقين .. بالمر، جيب، ماسينيون، مرجوليث، شاخت، كلهم خنازير استعماريون. وإني لأرد على كل عربي يتحدث عن فضل هؤلاء سواء في تعليمنا المنهج العلمي في تحقيق التراث أو في كتابة التاريخ أو غير ذلك، بأن المسلمين هم الذين خرجوا على الدنيا في عصرهم الذهبي بالمنهج العلمي في التأليف، وهم الذي ابتدعوا وضع الفهارس للكتب لا الغربيون كما يزعمون .. لقد وضعتُ بنفسي فهارس كتاب المقريزي " إمتاع الأسماع" الذي حقّقتُه، فوصلتني رسالة من مستشرق فرنسي شهير يُبدي فيها انبهاره بروعة هذه الفهارس، ويقول: إنه ليس بوسع أي غربي أن يأتي بمثلها ...
المسألة إذن ليست مسألة فضل، وإنما هي تتعلق بخيبة المسلمين المحدَثين حيال تراثهم .. كل الأمور معنا تسير من سيء إلى أسوأ، في الثقافة، والسياسة، والاقتصاد، والأخلاق، أو ما شئت. والله سبحانه وتعالى إنما يعاقبنا على ما نرتكب وما نُهمل، وهو على كل شيء قدير ".انتهى.
تعليق
1 - رحم الله الأستاذ محمود شاكر عن هذه الصراحة والنصيحة، وكنتُ أتمنى أنه كتب كتابًا مفصلا عن هذه الشخصيات وجنايتها على الإسلام؛ كما فعل مع طه حسين.
2 - سألتُ الدكتور المحقق عبدالرحمن العثيمين - حفظه الله - عن رأي محمود شاكر في الأفغاني وعبده، فقال لي: " صدق، فقد كانا كما قال ".
3 - أخبرني الأستاذ خالد الغليقة أنه سأل الشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله - عن العقاد، فقال: " كتاباته إسلامية، وهو ليس بإسلامي ".
4 - ذكر أنيس منصور تلميذ العقاد في كتابه " كانت لنا أيام في صالون العقاد " عنه كلامًا شبيهًا بما ذكر محمود شاكر.
5 - الأستاذ أنور الجندي رحمه الله ممن يُحسن الظن بالأفغاني وعبده، ويضع اللوم على تلاميذهما الذين انحرفوا عن نهجهما " سعد زغلول - قاسم أمين - لطفي السيد .. ". وليته - رحمه الله - واجه الحقيقة المرة الصعبة، فإن البلاء " منهما ". ولازال بعض الفضلاء على نهج الجندي، والأمر يحتاج لشجاعة
ـ[شتا العربي]ــــــــ[10 - 01 - 10, 01:52 م]ـ
وجدت في رابط أنا المسلم هذه المشاركة فنقلتها هنا وقد كتبها هناك د. خالد الرفاعي
وهذا نصها بكاملها وليس لي فيها سوى النقل:
هذا مقال لأحمد شمس الائمة ابو الاشبال محمد شاكر رحمه الله عن كتاب لعباس محمود العقاد (الصديقة بنت الصديق) نشر هذا المقال في مجلة المقتطف , عدد ربيع الثاني 1363هـ ابريل 1944م.
تحقيق سن عائشة
يقول صحاب كتاب " الصديقة بنت الصديق ":
¥