ولنعتقد جازمين أنه متى لم يكن لله تعالى شريك في الخلق والتدبير فإنه لا يكون له شريك في الطاعة والعبادة، فلا ينبغي أن يعبد معه أحد أبداً سواء كان ملكاً مقرباً أو نبياً مرسلاً، أو دون ذلك. من سائر المخلوقات. وسواء كانت العبادة صلاة أو دعاء، أو صوماً أو ذبحاً، أو زكاة أو نذراً، لو طاعة في معصيته تعالى بتحريم ما أحل أو تحليل ما حرم أو ما أوجب أو فعل ما حرم.< o:p>
ولنعتقد جازمين أن حاجة الناس إلى الرسل في بيان الطريق إلى الجنة اقتضت إرسالهم، وإنزال الكتب عليهم ومن هنا وجب تصديق كافة الرسل وأتباعهم ووجب الإيمان بالكتب والعمل بما فيها مما لم ينسخه الله تعالى بغيره من الشرائع والأحكام كما وجب الإيمان بالملائكة، والقدر والمعاد والحساب والجزاء. بهذه النقاط الأربع المشتملة على الإيمان الصحيح كنا قد قطعنا ربع الطريق إلى الجنة. أيها السائرون فإلى الربع الثاني وهو العمل الصالح.< o:p>
فلنقم الصلاة بأن نتطهر لها طهارة كاملة، ونؤديها في أوقاتها في جماعة أداء وافياً مستوفين كافة الشروط والفرائض والسنن والآداب فنوافق بها صلاة رسول الله r حيث قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي).< o:p>
ولنؤت زكاة أموالنا أهلها من الفقراء والمساكين والغارمين والمجاهدين ولنتحر في إخراجها الجودة والكمال والإخلاص الكامل فيها لله تعالى.< o:p>
ولنصم رمضان بالإمساك عن المفطرات والبعد عن المتشابهات والمحرمات في الأقوال والأفعال والخواطر والنيات.< o:p>
ولنحج بيت الله حجاً كحج رسول الله r موسوماً بالبرور وذلك بأدائه أداء صحيحاً خالياً من الرفث والفسق والجدال محفوفاً بالخيرات مفعماً بالصالحات. < o:p>
ولنبر الوالدين بطاعتهما في غير معصية الله، وبالإحسان إليهما ببذل المعروف وإسداء الجميل من القول والفعل، مع كف الأذى عنهما ولو كان ضجراً منهما، أو عدم رضا عنهما. < o:p>
ولنصل أرحامنا ببرهم وزيارتهم، والسؤال عنهم، والتعرف إلى أحوالهم ومساعدتهم كما في القدرة وما هو مستطاع.< o:p>
ولنحسن إلى الجيران بإكرامهم المتمثل في الإحسان إليهم وكف الأذى عنهم. < o:p>
ولنكرم الضيف إكرامه الواجب له بإطعامه وإيوائه.< o:p>
ولنكرم المؤمن بتحقيق أخوته القائمة على أساس أداء حقوقه من السلام عليه عند ملاقاته، وتشميته عند عطاسه. وتشييع جنازته عند مماته، وعيادته إذا مرض، وإبرار قسمه إذا أقسم. < o:p>
ولنعدل في القول والفعل والحكم إذ العدل في الكل واجب محتم، وبه يستقيم أمر الدين والدنيا، ويصلح شأن العباد والبلاد. < o:p>
وإلى هنا تم نصف الطريق أيها السائرون، ولم يبق إلا نصفه الآخر، والذي هو ترك الشرك والمعاصي فلنواصل السير في غير كلل ولا ملل ولنترك الشرك وذلك:< o:p>
1 ـ بأن لا نعتقد أن مخلوقاً من المخلوقات كائناً من كان يملك لنفسه أو لغيره ضراً أو نفعاً بدون مشيئة الله وإذنه، وعليه فلنحصر رغبتنا في الله فلا نرغب في أحد سواه فلا نسأل مخلوقاً ولا نستشفع أو نستغيث بآخر، إذ لا معطي ولا مغيث إلا الله. فلنقصر رغبتنا فيه، ورهبتنا وخوفنا منه.< o:p>
2 ـ بأن لا نصرف شيئاً من عبادة الله تعالى إلى أحد سواه؛ فلا نحلف بغير الله، ولا نذبح على قبر ولي من أولياء الله، ولا ننذر نذراً لغير الله، ولا ندعو غير الله ولا نستغيث بسواه.< o:p>
3 ـ وبأن لا نعلق خيطاً أو عظماً أو حديداً نرجو بها دفع العين أو كشف الضر، فإنه لا يدفع العين ولا يكشف الضر إلا الله.< o:p>
4 ـ وبأن لا نصدق كاهناً أو عرافاً أو منجماً فيما يخبر به ويدعيه من علم الغيب؛ إذ لا يعلم الغيب إلا الله.< o:p>
5 ـ وبأن لا نطيع حاكماً أو عالماً أو أباً أو أماً أو شيخاً في معصية الله، إذ طاعة غير الله بتحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرم الله شرك في ربوبية الله.< o:p>
بهذه الخطوات الخمس أيها السائرون قد قطعنا نصف المسافة المتبقية ولم يبق إلا نصفها الآخر وهو ترك المعاصي وبعدها نصل إلى باب الجنة وندخلها إن شاء الله مع الداخلين فهيا بنا نواصل سيرنا أيها السالكون. < o:p>
فلنحفظ الدماغ فلا نفكر فيما يضر، ولا ندبر ما يسوء من فساد أو شر.< o:p>
ونحفظ السمع فلا نسمع باطلاً في سوء أو فحش، أو كذب أو غناء، أو غيبة، أو نميمة، أو هجر أو كفر.< o:p>
ونحفظ البصر فلا نسرحه في النظر إلى ما لا يحل النظر إليه من أجنبية غير محرمة مسلمة أو كافرة، عفيفة أو فاجرة.< o:p>
ونحفظ اللسان فلا ننطق بفحش أو بذاء، ولا سوء أو كذب أو زور، أو غيبة أو نميمة أو سب أو شتم أو لعن من لا يستحق اللعنة.< o:p>
ونحفظ البطن فلا ندخل فيه حراماً طعاماً كان أو شراباً فلا نأكل ربا ولا ميتة ولا خنزيراً، ولا نشرب مسكراً، ولا ندخن تبغاً ولا تنباكاً.< o:p>
ونحفظ الفرج فلا نطأ غير زوجة شرعية أو مملوكة سرية أباح الله وطئها وأذن فيه. < o:p>
ونحفظ اليد فلا نؤذي بها أحداً بضرب أو قتل، ولا نأخذ بها مالاً حراماً ولا نلعب بها ميسراً ولا نكتب بها زوراً أو باطلاً.< o:p>
ونحفظ الرجل فلا نمشي بها إلى لهو أو باطل، ولا نسعى بها على فتنة أو فساد أو شر.< o:p>
ونحفظ العهد، والشهادة والأمانة، فلا نخفر ذمة ولا ننكث عهداً، ولا نخلف وعداً، ولا نشهد زوراً ولا نخون أمانة.< o:p>
ونحفظ المال فلا نبذره، ولا نسرف فيه، كما لا نهمله ولا نضيعه، أو نتركه بدون إنماء أو إصلاح.< o:p>
ونحفظ الأهل والولد في أبدانهم وعقولهم وعقائدهم وأخلاقهم فندفع عنهم ما يؤذيهم أو يضرهم أو يفسد أرواحهم، أو عقولهم وندرأ عنهم كل ما يردي أو يهلك ويشقي. < o:p>
وإلى هنا انتهى الطريق أيها السائرون فدونكم الجنة دار السلام فتهيأوا للدخول منتظرين رسل ربكم متى تصل إليكم حاملة استدعاء ربكم المنعم الكريم لتفدوا عليه وتحطوا الرحال بساحته. ويومها يفرح، المتقون. < o:p>
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .. < o:p>
¥