تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن في الساحة كتاباً كثيرين، وهناك من قد يستطيعون عن طريق البراعة والذكاء وإحسان العبارة وإخفاء الهوى أن يصلوا إلى بعض العقول والنفوس نتيجة لمرحلة القصور الذاتي الموجودة بين الشباب الذي لم يتعلم من أصول فكره الإسلامي العربي إلا شذرات قليلة، بينما اتخم بفنون مختلفة من فكر الغرب. إن الكتب البراقة والصحف اللامعة والأسماء الشهيرة قد كانت على مدى هذا العصر الحديث تخطت الأبصار ولكنها كانت عاجزة عن أن تمتلك القلوب والنفوس. أن عشرات من هذه الأسماء التي لمعت لم تلبث أن سقطت وانكشفت زيفها، وأن عشرات من هذه الكتب التي أحدثت ضجة لم تلبث أن انطوت وظهرت عشرات الكتب والأبحاث في كشف زيفها والرد عليها.

إن هناك نظريات كثيرة سادت بسلطان التغريب زمناً ثم سقطت. فعلى الكتاب الذين يتصدرون اليوم أن يعرفوا هذه الحقيقة. إنهم سوف لا يستطيعون الصمود فوق المسرح وتحت الأضواء إلا زمناً قليلاً ثم ينكشف زيفهم.

أما الكتاب الصادقون فإنهم مهما عجزوا عن تسنم المنابر الضخمة والصحف الكبرى، فإنهم معروفون بأعيانهم أن وجودهم في الظل هو علامة على قدرتهم على التمسك بالحق وصمودهم بعيداً عن مغريات الأضواء.

إن الكاتب الذي يصطفيه الشباب المسلم هو القادر على أن يقول الحق، وأن ينصح للأمة، وأن يدل على الطريق الصحيح.

وأن أخطر أخطاء الكتاب هو التعصب الخفي المستور وراء مظاهر المنهج العلمي، بينما تبدو الأحقاد واضحة ليست في حاجة إلى من يكشف عنها.

وأن أكبر أخطاء الكتاب العجز عن النظرة الكلية والكلمة المنصفة.

إن الكاتب القادر على الإنصاف من النفس هو القادر على أن يكسب ثقة القارئ، ليس من شأن الكاتب أن يجعل نظرته الذاتية قانوناً شاملاً. وليس من شأن الكاتب أن يتطرف إلى جانب أو يقف عند النظرة الجزئية.

ليكن الكاتب منتمياً إلى أمته وفكرها وعقائدها.

وليكن صادقاً في هداية قومه إلى الحق.

ذلك أن الباطل مهما أسبغ عليه من صور العلمية أو بريق العبارة، فإنه سوف ينكشف ويتعرى، والشيء المصادم لطبائع الأشياء لا يدوم.

إن كل دعوى إلى نظرية لا تندمج في العقيدة الأساسية للأمة سوف يرفضها هذا الفكر مهما حشد لها من قوى وأقلام كما يرفض الجسم الحي أي جسم أجنبي غريب.

إن الكاتب الذي هو معقد المسئولية والأمانة: من إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل وإذا غضب لم يخرجه غضبه عن الحق.

وهو الذي يتعصب للحق وحده، وينكر ذاته وينكر التبعية عن أي صورة من صورها. ولا قيمة للكاتب الذي يفصل بين القيم فيعجز عن معرفة الصورة الكاملة، ويجهل أبعاد القضايا.

لا قيمة لكاتب بلا عقيدة كاملة، تستطيع أن تضع كل شيء موضعه، وتقف من كل الأمور موقفاً حاسماً.

إن الكاتب بلا عقيدة كالربان الذي فقد اتجاه الريح، وعلامات السماء، لقد استطاع الفكر الوافد أن يخلق طبقة تقول أنني مشتغل بالأدب فلا أعرف في العقائد أو المناهج، بينما كل ما يعرض عليها في الفكر الغربي من وجودية أو علمانية أو مادية أو لا معقول له ارتباط كامل بكل قيم الإنسان. والمجتمع مؤثر فيها، هادف إلى أحداث آثار بعيدة المدى بالقيم والعقائد.

على الكاتب الذي يحمل أمانة هذه الأمة أن يكون قادراً على التحرر من التبعية الفكرية وأن يكافح من أجل تحرير فكره وأمته منها وأن يعرف أن المعرفة الإنسانية عامة وأنة العلم عالمي وأن العقائد والثقافات خاصة بكل أمة.

وأن يؤمن بأن هذه الأمة لها رسالة مستمرة ما زالت تؤديها للبشرية.

وأنه ليس من عمل الكاتب المسلم تبرير الواقع بل عليه أن يضع المعالجات لإصلاحه وأن يدعو إلى تغييره إذا تطلب التغيير. وأن يرد كل تغيير وإصلاح إلى الإطار الأصيل الذي يتحرك فيه الفكر الإسلامي العربي.

وليؤمن الكاتب الذي يريد أن يكسب ثقة الشباب المثقف أن انبعاث الأمم إنما يستمد قوته من فكرها ومقوماتها وأن انبعاث المسلمين والعرب لن يكون من خارج مقومات فكرهم وعقائدهم.

وأن الكاتب ليس بهلواناً جاء لإضحاك الناس وإرضاء غرائزهم وهدهدة أهوائهم، ولكنه جاء ليصحح الأخطاء ويكشف الزيف ويضيء الطريق إلى الحق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير