تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثالثاً: منهج العلم التجريبي: فقد دفع القرآن المسلمين إلى النظر في السماوات والأرض، والتماس التجربة، والبحث عن البرهان والدليل فاستطاعوا إنشاء المنهج العلمي التجريبي الذي هو مصدر النتاج العلمي الحديث كله (وليس في هذا مبالغة بل هي شهادة علماء العلم أنفسهم وفي مقدمتهم: بريفولت ودرابر وجوستاف لوبون ودكتورة هونكة).

ثم قدم الإسلام للمسلمين: منهج المجتمع ونظام الحياة وهي شريعة الإسلام الخالدة التي اعتمدت قيم ثلاث أساسية:

أولاً: المسئولية الفردية للإنسان وإرادته الحرة في عمله.

ثانياً: القانون الأخلاقي.

ثالثاً: الجزاء الأخروي.

وقد قامت هذه المناهج كلها على قاعدة أساسية هي "التوحيد".

ولقد التقى القرآن إلى المسلمين حصيلة ضخمة وافرة من معطيات الاجتماع والسياسة والأخلاق والاقتصاد والتربية والقانون، كان أبرز ما فيها: أنها ليست موقوفة على عصر ما أو بيئة ما، بل هي خالدة باقية مرتبطة بالإنسان نفسه من حيث هو كيان متكامل: (روح ومادة).

وهي بذلك لم تتشكل في هيئة قانون له مواد، بل قدمت على هيئة إطار واسه من قابل من داخله للتغيير والحركة والتطور بما يناسب العصور والبيئات، ولذلك جاءت أساساً على هيئة قيم كبرى فيها طابع الثبات وقادرة في أطرافها على الحركة.

وهي في ضوابطها وحدودها عمدت إلى حماية الفرد نفسه من الانحراف إلى أحد القطبين: الجمود أو الانحلال، ولذلك فقد أبعدته عن الزهادة والترف معاً وإقامته في توسط يحفظ له كيانه العقلي والجسدي من العطب ويجعله قادراً دائماً على ممارسة دوره في الحياة وأداء رسالته.

ومن هنا فإن السؤال القائم في هذا الموقف هو هل المسلمون في حاجة إلى إيديولوجية أو مذاهب أو دعوات تطرح عليهم إذا كان منهجهم كاملاً، وقد طبق فعلاً فأحدث تقدماً عظيماً وسيطر على البشرية عطاء وعدلاً أكثر من ألف عام؟

والإجابة: أن لا. وهنا يجيء السؤال الآخر: إذن لماذا تخلف المسلمون؟ والإجابة هي أنهم تركوا المنهج الذي صيغت عليه حياتهم، وشكل وفقه مزاجهم النفسي والاجتماعي، وتخلفوا عنه ضعفاً وجموداً، أو انطلاقاً وانحرافاً. ومن هنا فإن أمة تشكلت على منهج مدى أربعة عشر عاماً من العسير أن يصلح لها منهج آخر وافد، خاصة إذا كانت هذه الأمة قد كانت على حذر دائم وعلى طبيعة أساسية ترفض الدخيل ولا تقبل لا ما يزيدها قوة وما ينصهر داخل كيانها ومفهومها في هذا الضوء يمكن أن يقرأ الشباب المسلم وينظر في هذا الحشد الهائل الضخم الذي تطرحه عليه المطابع هو يعرف مقدماً أن ليس كل من كتب له إنما يريد به الخير، أو يقول له الحق. وأن هناك ملابسات كثيرة وأساليب دقيقة وبريق خاطف وكلمات براقة يراد بها إخراج الأمة عن الأصالة وعن الذاتية.

إن هذه الأمة ما تزال تواجه التحدي وستظل تواجهه وقتاً طويلاً:

تحدى الاستعمار والصهيونية والقوى الغازية والمتربصة والطامعة. ولذلك فإن ما يطرح في سوق القراءة خاضع لهذه التيارات.

وإذا كان القارئ المسلم يستطيع أن يقرأ لكتاب يعرف صدقهم، فإنه في المرحلة التالية مطالب بأن يقرأ كل شيء يعرف الزيف من الصحيح وليكشف هذا الزيف، ويصحح الأخطاء، ويحرر المفاهيم على الضوء الكاشف الذي تعرض عليه كل شيء وهو (القرآن).

ونحن نعرف أن حركات التبشير والاستشراق والغزو الثقافي مما نطلق عليه اسم "التغريب" قد غيرت جلدها فلم تعد تهاجم في صراحة ولا تنتقد في جرأة، وإنما اتخذت أسلوباً جديداً: هو أن تدخل إلى البحث في رقة وأن تتكلف من كلمات المدح والإنصاف صفحات حتى تكسب ثقة القارئ، ثم لا تلبث أن توجه إليه شكوكاً قليلة، وتعود مرة أخرى إلى الإنصاف والمجاملة، إلى أن تصل في النهاية إلى شيء يثير الصدر، ويفسد الحقيقة الأصلية، دون إزعاج أو إثارة عواطف.

فلننتبه إلى هذا الاتجاه الجديد ولنجعل رائدنا أساساً: أن تكون حقائق الإسلام الأساسية هي المصادر والدعامات التي لا تتخلف ولا نقبل أن نفرط فيها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير