تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[خطب عن آثار الذنوب من موقع المنبر]

ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[23 - 02 - 10, 10:05 م]ـ

الخطبة الأولى

عباد الله: أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله عز وجل وخوفه وطلب مرضاته، ففي التقوى النجاة، وفي الغفلة والتمادي والركون إلى طاعة النفس الخسران والهلاك.

أيها المسلمون: اعلموا أن الله سبحانه توعد العصاة وهدد الذين خرجوا عن أمره وتعمدوا مخالفته وأطاعوا أنفسهم وشياطينهم بأهوائهم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدود الله يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين والله عز وجل خلق الخلق لعبادته وطاعته والتسليم لأمره والرضا بحكمه، ليحصل لهم الأمن والطمأنينة والحياة الطيبة في هذه الدنيا ولتحصل لهم في الآخرة الجنة والنجاة من النار قال تعالى: من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون. قال ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد: (اقشعرت الأرض، وأظلمت السماء، وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة، وذهبت البركات وقلت الخيرات وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة، وبكى ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة، وشكى الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبائح، وهذا والله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه، ومؤذن بليل بلاء قد أدلهم ظلامه، فاعدلوا عن هذا السبيل (سبيل المعاصي) بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح، وكأنكم بالباب وقد أغلق وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

عباد الله: وقال أيضاً رحمه الله: (إن عظمة الله تعالى في قلب العبد تقتضي تعظيم حرماته، وتعظيم حُرماته، يحول بينه وبين الذنوب، والمجترؤون على معاصيه ما قدروه حق قدره وكيف يقدره حق قدره، أو يعظمه ويجله من يهون عليه أمره ونهيه؟ وعلى قدر محبة العبد لله يحبه الناس، وعلى قدر خوفه من الله يخافه الناس، قال تعالى: ومن يهن الله فماله من مكرم.

وإن الذنوب والمعاصي تضر وضررها في القلوب ضرر السموم في الأبدان، وهل في الدنيا والآخرة شرور وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي؟ فما الذي أخرج الأبوين من الجنة: دار اللذة والنعيم والبهجة والسرور إلى دار الألم والأحزان والمصائب؟ وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السموات والأرض وطرده ولعنه وبدل بالقرب بعداً، وبالرحمة لعنة، وبالجمال قبحاً، وبالجنة ناراً تلظى، وبالإيمان كفراً، وبموالاة الولي الغني الحميد أعظم عداوة ومشاقة، فهان على الله وسقط من رحمة الله، فصار قواداً لكل فاسق ومجرم؟ وما الذي أغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال (وهم قوم نوح)؟ وما الذي سلط الريح العقيم على قوم عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخل خاوية، ودمرت ما مرت عليه من ديارهم وزروعهم ودوابهم حتى صاروا عبرةً للأمم إلى يوم القيامة؟ وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا عن آخرهم؟ وما الذي رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نبيح كلابهم ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها، فأهلكهم جميعاً ثم اتبعهم حجارة من سجيل السماء؟ وما الذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل فلما صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم ناراً تلظى؟ وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر ثم نقلت أرواحهم إلى جهنم، فالأجساد للغرق، والأرواح للحرق؟ وما الذي خسف بقارون وداره وماله وأهله؟ وما الذي أهلك القرون من بعد نوح بأنواع العقوبات ودمرها تدميراً؟ وما الذي أهلك قوم صالح بالصيحة حتى خمدوا عن آخرهم؟ وما الذي بعث على بني اسرائيل قوماً أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وقتلوا الرجال وسبوا النساء؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير