تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن أصدق الحديث كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

فإن خراب الناس وهلاك الأمم إنما يكون بسبب انتشار المعاصي والسيئات والمنكرات، وإلى ذلك أشار القرآن الكريم في قوله تعالى: وَتِلْكَ ?لْقُرَى? أَهْلَكْنَـ?هُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا [الكهف:59]. أي أهلكناهم بسبب كفرهم وعنادهم ولذلك قال الله عز وجل: وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا وفي قراءة أمَّرنا مترفيها فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ?لْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا [الإسراء:16]. ومعنى أمرنا مترفيها أي أن المترفين من أهل الفساد هم الذين يتأمرون على الناس فيشيعون المنكرات والسيئات بين المسلمين، فإذا شاعت المنكرات وسكت الناس عن تغييرها ولم يقوموا بواجبهم في تغيير المنكرات والأمر بالمعروف عمهم الله سبحانه وتعالى بعقاب من عنده، ثم يدعون فلا يستجاب لهم، وصدق الله العظيم إذ يقول: وَ?تَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ?لَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَ?عْلَمُواْ أَنَّ ?للَّهَ شَدِيدُ ?لْعِقَابِ [الأنفال:25]. قال ابن عباس: (إذا رأى الناس المظالم ولم يغيروها عمهم الله بعذاب من عنده) ولذلك جاء في الحديث عن أم المؤمنين زينب بنت جحش رضي الله عنها أنها قالت: دخل علي رسول الله ذات يوم فزعاً وهو يقول: ((لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بين إصبعيه الإبهام والتي تليها)) فقلت ـ أي تقول أم المؤمنين زينب رضي الله عنها ـ: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: ((نعم إذا كثر الخبث)) [أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما].

ومعنى فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، أي: إن باب الشر والفتنة في عهده يوم أن دخل فزعاً وهو يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح باب الفتنة والشر مثل هذه، فمنذ ذلك اليوم وإلى يومنا هذا، خمسة عشر قرناً من الزمان، كم توسع ردم الفتنة وباب الشر، الله أعلم ولكن الشرور في زماننا هذا كثيرة فإن الناس قد بعدوا عن الله عز وجل، وصارت السيادة لأهل المنكرات والسيئات، يعيثون في الأرض فسادا، أين المصلحون أين الذين يقومون بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أين الذين يقفون في صف واحد أمام أعداء الإسلام ليردوا كيدهم في نحورهم، أين الذين يذودون عن حياض هذا الدين.

المنكرات والسيئات، قد عمت وانتشرت وبسبب شؤم هذه المعاصي التي سادت وانتشرت بين المسلمين خرب العمران والبلاد وتعطلت المصالح، وإذا بالغلاء الفاحش يضرب بأطنابه في كل مكان، والمسلمون في كل بقاع الأرض يشكون من هذه الابتلاءات والمصائب المتتابعة عليهم، ألم يعلموا أن الجزاء من جنس العمل؟ إن الله سبحانه وتعالى ما ينزل مصيبة في الأرض ولا بلاءً من السماء ينزل إلى الأرض إلا بسبب معصية، إلا بسبب فاحشة، إلا بسبب شيوع المنكرات والسيئات والمعاصي، فالبدار البدار عباد الله، العودة إلى الله، التوبة إلى الله، الاستغفار لله، إذا أردنا أن تحسن أحوالنا، ويرفع الله سبحانه وتعالى عنا البلاء والمصائب فلن يرفع إلا بتوبة صادقة بعودة صادقة إلى الله، والتمسك بالكتاب والسنة ظاهراً وباطناً، فإذا فعل المسلمون ذلك عمهم من الله سبحانه وتعالى الرحمة، وَمَا أَصَـ?بَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ [الشورى:30]. ظَهَرَ ?لْفَسَادُ فِى ?لْبَرّ وَ?لْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ?لنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ?لَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير