تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن كل ما نراه إنما هو بسبب معاصي المسلمين، المسلمون كثير منهم أشركوا بالله في أقوالهم وأفعالهم، المسلمون نحوا شرع الله عن سدة الحكم فتحاكموا إلى القوانين الوضعية وإلى الطاغوت وإلى الكهنة وإلى الشياطين وإلى السحرة وإلى الدساتير الوضعية التي وضعها أناس من البشر، نصبوا أنفسهم أرباباً من دون الله ?تَّخَذُواْ أَحْبَـ?رَهُمْ وَرُهْبَـ?نَهُمْ أَرْبَاباً مّن دُونِ ?للَّهِ وَ?لْمَسِيحَ ?بْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـ?هاً و?حِداً لاَّ إِلَـ?هَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَـ?نَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [التوبة:31]. كم هم الذين يحافظون عن أداء الصلوات الخمس في أوقاتها؟ إنهم قليل بل أقل من القليل، وكثير من المسلمين في غيبتهم سارون، كم هم الذين استمروا الباطل فما من زنا إلا وفعلوه، وأما الخمر فقد شربوها، وأما الربا فقد أكلوه، وأما الرشوة فقد استباحوها، وبعد ذلك كلما نادى منادٍ بعودة الناس إلى الدين، ونادى مناد بإرجاع الناس إلى الحق المبين، إذا بك تسمع من يسخر بالناس الدعاة الصالحين.

والمسلمون يصفقون لأمثال هؤلاء ولا يغيرون المنكرات بعد ذلك إذا ابتلاهم الله بالمصائب يضجون ويشكون، ولم يعلموا أن الجزاء من جنس العمل، وأن هذه الابتلاءات والمصائب ما نزلت إلا بسبب ما كسبته أيدينا، ثم بعد ذلك نعيب الزمان عجباً والله إن الزمان لا يفسد إلا بفساد أهله، ولا يصلح إلا بصلاح الناس، إن صلح الناس كان الزمان صالحاً، وإن فسد الناس كان الزمان فاسداً، فرحم الله الإمام الشافعي إذ قال:

نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا

ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا

وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضاً عيانا

تأملوا حالنا: القتل أصبح منتشراً بين المسلمين على مستوى الأفراد والجماعات، أصبح المسلم اليوم يقتل على مرأى ومسمع من كل المسلمين، ولا يسمع من ينكر أو يضج أو يحرك ساكناً، فهذا المنكر العظيم والنبي يقول كما رواه البخاري في صحيحه يقول: ((لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً)) صار دم المسلم اليوم أرخص من دم الدجاجة.

الدجاجة قد تشترى بثمن والمسلم يقتل ولا حد ولا قصاص ولا من يطالب بدمه، إن كل ما أصابنا بسبب شؤم المعصية التي نحن نرتكبها، وأحمد الله سبحانه وتعالى أن جعل الله سبحانه وتعالى لكم أعيناً تطرف وآذاناً تسمع، وقلوباً تعي فإن من رحمة الله عز وجل أنه ما يؤاخذ بالعقوبة بغتة إلا بعد إمهال، فإن الله يمهل ولا يهمل، وإذا رأى العبد أن الله قد أغدق عليه بالنعمة أو تركه على حالة وهو منغمس في المعاصي فلا يأمن مكر الله، وليعلم أن ذلك استدراج سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ وَأُمْلِى لَهُمْ إِنَّ كَيْدِى مَتِينٌ [الأعراف:44 - 45].

ولذلك يقول أبو بكر الصديق قال: (يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها). يأَيُّهَا ?لَّذِينَ ءامَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ إِذَا ?هْتَدَيْتُمْ [المائدة:105]. وإني سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه - أي لم يمنعوه من الظلم - أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده)) [أخرجه الإمام أبو داود والترمذي والنسائي].

فهل تكون هذه عبرة لمن أراد أن يعتبر إِنَّ فِى ذ?لِكَ لَذِكْرَى? لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى ?لسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق:37].

أقول ما تسمعون، ادعوا الله واستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

أما بعد:

فقد أخرج الإمام ابن ماجه في سننه والبزار والبيهقي من حديث عبد الله بن عمر ما قال: وعظنا رسول الله فقال: ((يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن، لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فيأخذ بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم))

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير