أمة التوحيد، إن الحل الحقيقي لجراحنا وآلامنا ومصائبنا هو عودتنا إلى الله وعودة الأمة بجميع أفرادها إلى الالتزام بدينها وأوامر ربها، وبذلك يعود لها عِزُها ومجدُها، ومن ثم تستطيعُ الردَ على أعدائها وحماية أبنائها ومقدساتها، وفي ذلك الوقت نستطيع أن نحمي فلذات أكبادنا وزهرات العمر وأطفال التوحيد الذين ذهبوا ضحية رصاص إخوان القردة والخنازير وعباد الصليب.
وإلى كل مسلم وكل غيور متألم على واقع أُمته، ألا فلنعلم أن هذا هو الحلّ الأساسي والجذري الذي يوقف هذه المذابح والمآسي المتكررة. وحتى نعلم مدى تأثير الذنوب والمعاصي ومخالفة أوامر الله وأوامر الرسول وبتأويل واجتهاد انقلب النصر إلى هزيمة وحصل ما حصل، فماذا نقول ونحن نخالف أوامر الله ورسوله، بل ربما نستهزئ بها ونستهتر بالملتزمين بها؟! يقول سماحة الشيخ العلامة الإمام عبد العزيز بن باز قدّس الله روحه في رسالة له بعنوان: "أسباب نصر المؤمنين على أعدائهم": "ومتى فرّط المؤمنون في هذه الأمور فهم في الحقيقة ساعون في تأييد عدوهم في نصره عليهم، والمعنى أن معاصي الجيش عون لعدوّهم عليهم كما جرى في يوم أُحد، فعلى المؤمنين جميعًا في أي مكان أن يتقوا الله وأن ينصروا دينه وأن يحافظوا على شرعه وأن يحذروا من كل ما يغضبه في أنفسهم وفيمن تحت أيديهم وفي مجتمعهم" اهـ. فهل وعيت الأمر أُخيّ؟! وهل علمت السبب؟!
إنّ الواجب علينا أن نستشعر أننا مسؤولون عن مآسي المسلمين وجِراح الأمة، وأننا بتصرفاتنا واستمرارنا على الذنوب وتركنا للدعوة إلى الله ونصرة إخواننا نكون سببا في ضعف الأمة وهوانها، ولهذا لما لم يستطع أعداء الإسلام الفتك بالإسلام وأهله بالأسلحة المدمرة قال قائلهم: "لن تهزموا المسلمين بكثرة الجيوش ولا بقوّتها، ولكن ستهزمهم النساء وقوارير الخمر".
فإلى متى الغفلة يا عباد الله؟! وإلى متى الرقاد والنوم يا أبناء التوحيد؟! وإلى متى إلى متى تستمر غفلتنا ويستمر لهونا في وسط ألمنا؟! هل يدري الواحد منا متى يموت؟ لا والله. استمع إلى هذه القصة التي حدّث بها أحد الدعاة الفضلاء، يقول الشيخ: حدثني أحد القائمين على تغسيل الأموات فقال: قُدّمت إليّ جنازة، فغُسلت وكُفنت وصُلي عليها، ثم ذهبنا بها إلى المقبرة للدفن، فلما نزلتُ كي ألحد هذا الميّت ومعي أحد أقاربه فلما وضعناه في اللحد ودفناه قال لي قريب هذا الميّت: الحمد لله الذي علّمني كيف أدفن ميتا قبل موتي، قال هذا الأخ: فوالله، ما تجاوزت هذه الكلمة إلا وهو يسقط على ظهره في المقبرة، رفعناه فإذا هو يلفظ أنفاسه ويُتوفى وهو على باب المقبرة لم يخرج منها. قال هذا المغسّل: فأنا غسّلته ودفنته بجانب صاحبه. إذًا اسأل نفسك: متى التوبة؟ اسأل نفسك: ماذا قدّمت لدينك؟ وماذا تعمل؟ وكيف تقابل ربك؟
يا مسلمون أما نخشى من النقم كم من قتيل هوى والغير في نغم
كم من نساء ثكالَى عَزّ مُنْجِدهم كم من سبايا وكم من يتيم ودم
يا مسلمون أفيقوا من رقادكم قبل الْمثول أمام الله والندم
وقول الله أحكم وأعلى: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ [الحديد: 16].
اللهم صلِّ على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
ـ[عاطف جميل الفلسطيني]ــــــــ[23 - 02 - 10, 10:11 م]ـ
الخطبة الأولى
أما بعد: إن للذنوب آثارًا عظيمة ومخاطر كبيرة في الدنيا والآخرة، والذنوب تنقسم إلى قسمين: صغائر وكبائر، ولقد سمى نبينا الكبائر بالموبقات والمهلكات، وهن كل ذنب توعد الله مرتكبه بعذاب أو لعن أو حد في الدنيا، ولقد ذكر لنا نبينا أصناف العذاب المختلفة التي يلقاها مرتكبو الكبائر، كشاربي الخمر ومن يزني ويسرق ويتكبر على الخلق ويعرض عن كتاب الله ودينه.
أما الصغائر فقد حذر منها نبينا إذ يقول: ((إياكم ومُحَقّرات الذنوب، فإنما مثل محقّرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد، فجاء ذا بعود وذا بعود، حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم، وإن محقّرات الذنوب متى يُؤخذ بها صاحبها تهلكه)).
¥