والجواب: أنها لو كانت محرمة مطلقا لما جاز للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن يستعملها , إذ لو كانت محرمة في ذاتها لكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أبعد الناس عن استعمالها , إذ كيف يحرمها ويستعملها.
الأعتراض الثاني: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هتك السترة , والهتك: الإتلا ف , فلو لم تكن الصورة محرمة مطلقا لما جاز له إتلاف المال.
والجواب من وجهين: الوجه الاول: أن الهتك يراد به: النزع , بدليل الروايات الأخرى " فنزعه " , " فأمرني فنزعه " , " أخريه " , " حلي هذا".
الوجه الثاني: أنه على التسليم بأن الهتك هو الإتلاف فليس المراد به التمزيق بحيث لا ينتفع به بعد ذلك , وإنما المراد به حينئذ: أن لا ينتفع به كسترة بدليل: أنهم استعملوه فجعلوه وسادة او وسادتين.
الأعتراض الثالث: أن حديث عائشة كان قبل تحريم الصور , ثم حرمت الصور فكان حديثها منسوخا.
والجواب: أن القول بالنسخ لا يصح إلا بشرطين:
الشرط الأول: أن يتعذر الجمع بين الدليلين.
الشرط الثاني: أن يعرف تأريخ الدليلين.
وكلا الشرطين غير متوفر: فإن تأريخ الدليلين مجهول , وأما الجمع بينهما فممكن ـ لما تقدم بيانه ـ: " من أن المحرم عبادة التماثيل أو تعليقها المشعر بتعظيمها , وأن غير المعلق مما يمتهن غير محرم ".
الأمر الثاني: حديث عائشة في الصحيحين قالت: " كنت ألعب بالبنات عند النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وكان لي صواحب يلعبن معي فكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إذا دخل يتقمعن فيسربهن إلي فيلعبن معي , وفي لفظ مسلم: " كنت ألعب بالبنات في بيته وهن اللعب ".
فإن جماهير العلماء جوزوا صنع هذه اللعب وبيعها لحاجة البنات إلى التدرب بهن على تربية الأطفال , وعلى تدبير شؤون البيوت عملا بحديث عائشة فإن فيه إذنا من الشارع في مثل هذه الصور.
لكن هل هذا النوع من الصور داخل في عموم حديث علي ثم استثني؟ أو لم يدخل أصلا في عمومه؟
إن قلنا بالأول: كان حديث علي " عاما مرادا به العموم المخصوص ".
وإن قلنا بالثاني: كان حديثه " عاما مرادا به الخصوص ".
وعلى كلا الأمرين لا يكون حديثه " عاما مرادا به العموم غير مخصوص ".
والحاصل: أن هنا نوعين من تصوير ما له روح: أحدهما: مجسم , والآخر مسطح , وقد شملها حديث علي من حيث اللفظ , لكن لما أذن فيهما الشارع دل ذلك على أن حديث علي لا يشملهما من حيث الحكم , إما لأنهما مستثنيان , وإما لأن الشارع لم يرد إدخالهما أصلا.
وعلى أي حال: فحديث علي إنما يشمل المنصوب من الصور المجسمة والمسطحة , ولا يشمل غير المنصوب سواء كان مجسما كلعب الأطفال أو مسطحا كالرسوم التي تكون على الفرش والوسائد ونحوها.
=================
بإذن الله سبحانه يتبع البقيه
أحسنت أخي رياض ... بحث نافع يتضح فيه قوة الجمع بين الأدلة ووجاهته لمن أراد العمل به
ـ[ابو هبة]ــــــــ[23 - 08 - 08, 09:45 م]ـ
^^^^^^^^^^^^^^^^^^
ـ[أبو محمد العدني]ــــــــ[24 - 08 - 08, 01:10 ص]ـ
يا أخواني نحن الآن في زمن المغريات، وأطفالنا دائماً يقول لنا نحن نجلس في المنزل ولا نخرج إلى هنا وهناك - لأن في الخارج ما هو أدهى وأمر لا سيما أن كنت تعيش في بلد شاع فيه التبرج والسفور -، فلذلك يجب أن يكون لهم بديلاً يومياً يأنسونَ إليه بعض الوقت، وليس طول الوقت، وأنا شخصياً اشتري لأبنائي بعض حلقات الكرتون ولكن التي تخلوا من الموسيقى ومن المخالفات الشرعية، مثل مسلسلات دار الخطيب للبرمجيات، وكذلك دار البلاغ، ومكة للبرمجيات، وغيرها ومع ذلك أنا أجلس معهم أثناء مشاهدتهم لكي لا يلتبس عليهم شيء، فأشرح وأبين لهم ما أشكل عليهم، أو أن هذا ظاهره مخالف للشرح فأشرح لهم وجه هذه النقطة، والحمد لله ليس لأبنائي تعلقاً كاملاً بهذه المسلسلات كثيراً بل في بعض الأحيان أختبرهم فأقول لهم هل تودون المشاهدة الآن فيقولن لي: (على راحتك) أي ليس لهم ميول كبير وهذا ما نريده بالضبط بحيث نستطيع في المستقبل مسح هذه الأمور من ذاكرتهم.
على العموم لا أطيل عليكم ولكن تذكروا أن لأبنائكم حق وهو المرح واللعب ... وجزاكم الله خيراً.
ـ[أبو محمد العدني]ــــــــ[24 - 08 - 08, 01:14 ص]ـ
نقطة أخيرة، مسألة تحريم هذه الرسوم فهو مما لا شك في حرمته عندي، ولكن أنا في نيتي أن ألهي ابنائي عن الفساد الأكبر وهو الخروج إلى الشوارع واللهو مع الصالح والطالح، وكذلك من باب التعليم تعليم أشياء مفيدة من الأخلاق والأدعية مثل التي عند النوم أو غير ذلك.