ولو جاز له المجادلة في النص، فلْيَعْذُر الحكام الذين يطبقون القانون المخالف للنص ما دام يجوزُ عندَهُ نَقْضُ الإجماعِ وردُّ النص.
ولو جاز له المجادلة في النص، فلْيَعْذُر المتصوفة الذين يقدسون شيوخهم، ما دام يجوزُ عندَهُ نَقْضُ الإجماعِ وردُّ النص.
ولو جاز له المجادلة في النص، فلْيَعْذُر ناقدا معاصرا، يطالب بإلغاء الإعراب، فلا حُجّةَ عنده في (الإجماع) على أن الفاعل مرفوع، والمفعول به منصوب، ما دام يجوزُ عندَهُ نَقْضُ الإجماعِ وردُّ النص ... ردّ قرارات مجامع اللغة.
برد إجماع اللغويين والإصرار على الخطأ يقطع أخي أبو رقية عُرْوَةً من عُرَى الإسلام بدون أن يدري، فإن القرآن – بل الإسلام – قام على اللغة العربية، وبهدْمِ عُرَى اللغةِ عُرْوَةً عُرْوَةً، ينهدم الإسلام بطريق غير مباشر.
ولو جاز له أن يخالف قاعدة مجمَعًا عليها اليوم، فلن يستطيع أن يمنع غدا شخصا آخر من مخالفة قاعدة أخرى مجمَعًا عليها، وهكذا ... فما أباحه لنفسه – من مخالفة الإجماع والإصرار على الخطأ اللغوي – لا يستطيع أن يبيحه لنفسه ويحظره على غيره.
إن ما أتيتُ به له – من قرار مجمع اللغة العربية – نصٌّ مُحْكَمٍ، هو في اللغة مثل نص مُحْكَمٍ من محكمة النقض لا يجوز رده، وفي الشريعة مثل نص مُحْكَمٍ من القرآن أو السنة لا يجوز رده.
أنا أتيتُ بالدليل من كتب اللغويين في مصر ودمشق والعراق، ومن مجلة مجمع اللغة العربية، أتيت بالدليل على صوابي بالجزء والصفحة والسنة، فأين هو الدليل على عدم خطأ أبي رقية؟
(أعتذر لكتابة كلمة (خطأ) بهذه الصورة الغريبة على عيونكم التي اعتادت الخطأ، لأن كلمة (خطإ) خطأٌ، ولم يخترع لنا الفتى الذهبي – بعدُ – أَلِفًا عليها همزة مكسورة لكي أكتب الكلمة مع الشكل كتابة صحيحة).
أما قولك يا أخي شتا:
(وأرجو أن يسود الحب والمودة هذا الموضوع وغيره من موضوعات المشايخ الكرام).
فأرجو يا أخي الحبيب ألا يتطرق إلى قلبك أدنى شبهة في حبي الشديد لأخي أبي رقية، إن محاولة رفع الخطأ من (خط الكمبيوتر) لكي يتطابق مع (الخط الإملائي) ويتطابق مع قواعد اللغة التي نص عليها مجمع اللغة، لن يقلل من محبتي لأخي أبي رقية مثقال حبة من خردل.
بل إني في الحقيقة أغبطه على الخير الذي أفاضه الله تعالى عليه، وأكاد أحسده على هذا الخير، فإن إصلاح الخط المطبعي بعد قرنين من الزمان (حَدَثٌ عَظِيمٌ غَيْرُ مَسْبُوقٍ)، (وَثَوَابُهُ لاَ نَظِيرَ لَهُ)، لأن دور النشر سوف تتلقّف هذا الخط، وتستخدمه في الطباعة، فانظر إلى ثوابه في الآخرة عندما يتمكن الكاتب والناشر من تصحيح آلاف المواضع التي فيها لام التعريف متلوة بالميم، (بعد أن كان الشيخ شاكر وغيره لا يستطيعون ذلك، فكانوا يتركون وضع السكون على اللام، ويكتفون بوضع الحركة الثانية على الميم، لعدم قدرتهم على تشكيل الحرفين معا)!
أما الآن، فسيتمكن الناشرون من طباعة حديث رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مع تشكيل كل حروفه.
وانظُرْ إلى ثوابه في الآخرة عندما يتمكن الكاتب والناشر من تصحيح آلاف المواضع التي فيها لفظ الجلالة مجرور لفظا، بوضع الكسرة في محلها الصحيح تحت الهاء، بعد أن أزال التشوه الحادث في هذه الكلمة المقدسة.
وانظُرْ إلى ثوابه في الآخرة عندما يتمكن الكاتب والناشر من تصحيح عديد من المواضع التي فيها همزة طرفية مكسورة، كقول رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: (الناس شركاء في ثلاث: الماء، (والكلأ)، والنار)، فبعد أن كان حديث رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُكتَبُ خطأً بسبب (الضرورة الطباعية)، (لعدم وجود الحرف الصحيح في حروف المطبعة أو لوحة المفاتيح)، ستتم كتابته – إن شاء الله – بدون خطأ، وأيُّ ثواب أفضل من تصحيح الخطأ في حديث رَسُولِ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ؟ وأيُّ ثواب أفضل من تصحيح الخطأ في كتابة لفظ الجلالة؟
إنه محظوظ يا أخي، وأنا أغبطه على ما سيناله من ثواب أشد الغبطة، وأحبه على ما سيقدّم من خير أعظمَ الحب، ولن يؤثر في هذا الحب رفضُهُ اتباعَ الحق، أو ضيقُهُ من قول الحق، فليفعل ما يشاء، فالكمال لله وحده، وكما قال كثير عزة:
لِعَزّةَ من أعراضِنَا ما اسْتَحَلّتِ
إن مقام أبي رقية في قلبي عظيم، وهو يذكّرني – بما فعله في خط المطبعة – بحديث اللّبِنَة، عندما رأى رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بناء جميلا، لكنه ناقص لبنة، فقال: فأنا تلك اللّبِنَة، فكذلك أخي أبو رقية، أتى بعد قرنين من الزمان مملوءين بالأخطاء المطبعية والقصور الطباعي عن تشكيل أول الكلمة المعرفة، وآخر الكلمة المهموزة المكسورة، أتى ليصلح كل هذا مرة واحدة!! فكان أبو رقية (تلك اللّبِنَة) التي أكملت الخط المطبعي صحةً وجمالاً ... فأيُّ ثوابٍ – في الآخرة – سيكونُ ثوابُهُ!! وأيُّ مقامٍ – في الجنة – سيكون مقامه!! فهنيئا له ... هنيئا له.
أدعو الله أن يحشرنا معا في الجنة مع أخي الحبيب أبي رقية، إخوانا على سرر متقابلين، فإن لم أصل إلى مقام أبي رقية بعملي، فإني أرجو أن أصل إلى مقامه بحبي، فلقد قال الصادقُ المصدوقُ صلى الله عليه وسلم: (يُحشَرُ المرْءُ مَعَ مَن أَحَبَّ)، وأنا أحب أبو رقية، وأرجو أن يرفعني حبي له إلى درجته في الجنة، وأن أكون رفيقه في الجنة.
¥