وقد تواترت أخبار نبينا ? وبعثته في الكتب السالفة، وعلم بذلك الأحبار، وأخبروا به، وبتعيين الزمن الذي يبعث فيه، وقد روى البيهقي أحمد بن الحسين وغيره: عن طلحة بن عبيد الله ?، قال: حضرت سوق بصري، فإذا راهب في صومعة، يقول: سلوا أهل هذا الموسم، أفيهم من هو من هذا الحرم؟ قال: قلت أنا فما تشاء؟ قال: هل ظهر أحمد بعد؟ قلت: ومن أحمد؟ قال: أحمد بن عبدالله بن عبد المطلب، هذا شهره الذي يخرج فيه، وهو خاتم الأنبياء، مخرجه من الحرم، ومهاجره إلى نخل وسباخ، إذا كان فلا تسبقن إليه، فوقع في قلبي ماقال، وأسرعت اللحاق بمكة فسألت هل ظهر بعدي أمر؟ فقالوا: محمد الأمي قد تنبأ، واتبعه أبو بكر ابن أبي قحافة، فمشيت إلى أبي بكر، وأدخلني إلى رسول الله ? فأسلمت. ()
قال: وقد روى العذري وغيره عن أبي بكر ? أنه قال: لقيت شيخًا باليمن، فقال لي: أنت حرمي؟ فقلت: نعم، فقال: وأحسبك قرشيًا؟ قلت: نعم. قال: بقيت لي فيك واحدة، اكشف لي عن بطنك! قلت: لاأفعل، أو تخبرني لم ذلك؟ قال: أجد في العلم الصحيح أن نبيًا يبعث في الحرمين يقارنه على أمره فتى، وكهلا، أما الفتى فخواض غمرات، ودفاع معضلات، وأما الكهل فأبيض نحيف، على بطنه شامة، وعلى فخده اليسرى علامة، وما عليك أن تريني ماسألتك عنه فقد تكاملت فيك الصفة إلا ماخفي علي. قال أبو بكر: فكشفت له عن بطني، فرأى شامة سوداء فوق سرتي، فقال: أنت هو ورب الكعبة ... وخف الله فيما خولك وأعطاك، قال أبو بكر: فلما ودعته قال: أتحمل عني إلى ذلك النبي أبياتا؟ قلت: نعم، فأنشأ الشيخ يقول:
ألم تر أني قد سئمت معاشري ونفسي قد أصبحت في الحي هاهنا
حييت وفي أيام المرء عبرة ثلاث مئين بعد تسعين آمنا
وقد خمدت مني شرارة قوتي وألفيت شيخا لا أطيق الشواحنا
وأنت ورب البيت تأتي محمدا لعامك هذا قد أقام البراهنا
فحيي رسول الله عني فإنني على دينه أحيا وإن كنت قاطنا
قال أبو بكر: فحفظت شعره، وقدمت مكة، وقد بعث النبي ? فجاءني صناديد قريش وقالوا: ياأبا بكر يتيم أبي طالب يزعم أنه نبي، قال: فجئت إلى منزل النبي ? فقرأت عليه فخرج إلي، فقلت: يامحمد فقدت من منازل قومك، وتركت دين آبائك، فقال: “ياأبا بكر إني رسول الله إليك، وإلى الناس كلهم، فآمن بالله ” فقلت: وما دليلك؟ “قال الشيخ الراهب الذي لقيته باليمن”، قلت: وكم من شيخ لقيت؟ قال: “ليس ذلك أريد، إنما أريد الشيخ الذي أفادك الأبيات ” قلت: ومن أخبرك بها؟ قال: “الروح الأمين الذي كان يأتي الأنبياء قبلي ” قلت: مد يمينك أشهد أن لاإله إلا الله وأنك رسول الله، قال أبو بكر: فانصرفت وما بين لابتيها أشد من رسول الله ? فرحا بإسلامي. انتهى من تأليف ابن القطان في الآيات والمعجزات. ()
وفي ذكر هذين الموضعبن دليل على إهمال المصنف منهج التحقيق تماما في جانب السيرة فكلا الخبرين موضوع وهل كان بمكة لابتان؟؟ فما أسخف الوضاعين! وهل أسلم أبو بكر بعد أن فشا خبره ? في مكة؟ وهو أول من أسلم من الرجال فيما ثبتت به الأخبار الصحيحة المستفيضة.
كما ذكر طرفا من قصة غزوة بدر تحت قوله تعالى ? وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين? ()
فقال: في هذه الآية قصص حسن محل استيعابه كتاب سيرة رسول الله ? لابن هشام واختصاره أن رسول الله ? لما بلغه ... الخ ()
وكذا ذكر بعضا من مشاهد السيرة تحت قوله ?ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم? () ()
سابعا: موقفه من الإسرائيليات:
وقد نقد المصنف الإسرائيليات في عدة مواضع من تفسيره منها تعليقه على التفسير قوله تعالى: ?ولقد فتنا سليمان? (). قال: "قد أكثروا في قصص هذه الآية بما لا يوقف على صحته" () وتبنى نقد أبي بكر بن العربي في أحكامه ونقل نصه: "وقد قال ابن العربي في توهين هذا القول وتزييفه: وهذا القول ونحوه مذكور في ضعيف الحديث في الترمذي وغيره، وفي الإسرائيليات التي ليس لها أساس ثابت، ولا يعول عليها من له قلب". ()
إلا أن ذلك لا يعني أنه أهمل الإسرائيليات تماما بل إنه ذكر جملة منها ومن ذلك:
في قوله تعالى ? ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه ? ()
¥