تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لم تكن الدنيا تساوي شيئًا عنده، وكان غير مكترث بها، على طول فترة إقامته بالمملكة لم يطلب عطاء ولا راتبًا ولا ترفيعًا لمرتبه، ولا حصولاً على مكافأة، ولكن ما جاء من غير سؤال أخذه، وما حصل عليه لم يكن ليستبقيه لنسفه؛ بل يوزعه على غيره كما يقول الشيخ عطية محمد سالم ـ رحمه الله ـ: كان كثير التغاضي عن أمور تخصه هو، وتتعلق بنفسه فإن سئل عن ذلك تمثل قول الشاعر:

ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي

تواضعه:

أما عن تواضعه فقل إنه صاحبه، كان إذا سئل مسألة في أخريات حياته، تباعد عن الفتيا، فإذا اضطر قال: لا أتحمل في ذمتي شيئًا العلماء يقولون كذا، وكذا.

يقول الشيخ عطية محمد سالم: سألته مرة عن ذلك ـ أي تحفظه في الفتيا ـ فقال: إن الإنسان في عافية ما لم يبتلى، والسؤال ابتلاء، لأنك تقول عن الله ولا تدري أتصيب حكم الله أم لا، فما لم يكن عليه نص قاطع ـ من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وجب التحفظ فيه ويتمثل بقول الشاعر:

إذا ما قتلت الشيء علمًا فقل به ولا تقل الشيء الذي أنت جاهله

فمن كان يهوى أن يرى متصدرًا ويكره لا أدري أصيب مقاتله

ألا ليت شعري ألا يتأمل المتعجلون في الفتوى لمثل هذا، ألا يرحم ناشئة طلاب العلم أنفسهم والناس من الفتاوى السريعة، والأجوبة الجاهزة، والأحكام الجريئة.

بل وأعجب من هذا كله أنه كان يردد على مسامع تلامذته " صار أمثالنا علماء لما مات العلماء " وكأنه كان يعلم تلامذته الإقلال من الفتوى، والتثبت من العلم.

موقف رائع:

على الرغم من أن الشيخ كان جوهرة ثمينة،وقد ملئ علمًا من مفرق رأسه إلى أخمص قدميه، أو كما يقول عنه الاستاذ محمد المجذوب ـ رحمه الله ـ: " ثقافة موسوعية، حتى ليخيل إليك وهو يحضر تقريراته منها أنها تخصصه الذي لا يكاد يعدوه، شأنه في ذلك شأن الأسلاف الكبار ".

جهود الشيخ الدعوية في المملكة:

خرج الشيخ في رحلته إلى الحج والتي ألف فيها كتابًا خاصًا احتوى على نكات فقهية ودروس علمية ومحاورات أدبية، وقد كانت نيته الحج ولم يكن في خلده أن يقيم بالمملكة، ولكنه أراد أمرًا وأراد الله خيرًا وفيرًا، فمكث الشيخ في المملكة واستقر به المقام في المدينة المنورة ورغب ـ رحمه الله ـ في هذا الجوار الكريم، وقام بتفسير القرآن مرتين وتوفي ـ رحمه الله ـ ولم يكمل الثالثة.

وفي سنة 1317 هـ افتُتح معهد علمي بالرياض وكلية للشريعة وأخرى للغة، واختير الشيخ للتدريس بالمعهد والكليتين فتولى تدريس التفسير والأصول إلى سنة 1381هـ.

ومكث الشيخ بالرياض عشر سنوات وكان يقضي الإجازة بالمدينة ليكمل التفسير، وكان ـ رحمه الله ـ يدرس في مسجد الشيخ محمد آل الشيخ في الأصول،كما كان يخص بعض الطلاب بدرس آخر في بيته، وقد كان بيته أشبه بمدرسة يؤمها الصغير والكبير والقريب والبعيد.

ولما أنشئت الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة كان الشيخ ـ رحمه الله ـ علمًا من أعلامها ووتدًا من أوتادها، يرجع إليه طلابها كما يرجع إليه شيوخها، وفي سنة 1386هـ افتتح معهد القضاء العالي بالرياض فكان الشيخ يذهب لإلقاء المحاضرات المطلوبة في التفسير والأصول.

ولما شكلت هيئة كبار العلماء، كان ـ رحمه الله ـ عضوًا من أعضائها، وكان رئيسًا لإحدى دوراتها.

كما كان ـ رحمه الله ـ عضوًا في رابطة العالم الإسلامي.

مؤلفاته:

خاض الشيخ ـ رحمه الله ـ غمار التأليف منذ نعومة أظفاره، فألف وهو في بلاده:

1 - نظمًا في أنساب العرب .. وكان ذلك قبل البلوغ.

2 - رجزًا في فروع مذهب مالك.

3 - ألفية في المنطق.

4 - نظمًا في الفرائض.

وهذه المؤلفات الأربعة مازالت مخطوطة

وألف في بلاد الحجاز:

1 - منع المجاز في المنزل للتعبد والإعجاز.

2 - دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب.

3 - مذكرة الأصول على روضة الناظر.

4 - آداب البحث والمناظرة.

5 - أضواء البيان لتفسير القرآن بالقرآن.

كما أن هناك العديد من المحاضرات.

وفاته:

توفي ـ رحمه الله ـ ضحى يوم الخميس 17 من ذي الحجة 1393هـ بمكة المكرمة مرجعه من الحج ودفن بمقبرة المعلاة بريع الحجون في مكة ـ رحمه الله ـ وجمعنا به في مستقر رحمته يوم القيامة.

كتاب: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير