[كتاب الشرك بالله – أنواعه وأحكامه]
ـ[محمد السيد ابراهيم]ــــــــ[26 - 05 - 10, 07:19 م]ـ
إن الناظر في واقع المسلمين الآن بعين الإنصاف وبروح الشريعة وبفهم مراد الله تعالى من رسالته الخاتمة وتعاليم الإسلام الحنيفة ليُدرك الفجوةَ العظيمة بين الإسلام وحقيقته، وبين ما عليه كثيرٌ من المسلمين.
فإن المسلمين الآن قد جانبوا الشريعة، وولوها الأدبار في معظم الأوامر - إلا من رحم الله - فصاروا مسلمين اسمًا بعيدًا عن التحلي بالإسلام وأوامره ظاهرًا وباطنًا.
وفي غمار هذا المنظر الموحش الذي يصيب النفس بالكآبة حزنًا على حال المسلمين وعلى هجرهم العمل بكتاب ربهم وسنة نبيهم ظاهرًا وباطنًا والحيرة في ضروب البحث عن حلول لهذه المأساة التي قد تذهب بالقوم ثم لا نرى لهم باقية, يسخر الله تعالى لنا أحد طلبة العلم الفضلاء الذين عايشوا هذه الأحداث وتأثروا بها فانفعلوا في اتجاه البحث عن حل لأحد الأمراض المعضلة التي ضربت البشرية ووقعت في المنتسبين للإسلام، فترى هذا الشيخ الفاضل قد سطر بقلمه واحدة من الرسائل العلمية المباركة الشاملة المحققة المدققة في رصد أحد أخطر الأمراض إن لم يكن أخطرها مطلقًا، فنراه يرصده ويتتبع أصوله وجذوره ومراحله ونشأته وتطوره وأسبابه ومظاهره وآثاره وأقسامه وخطره وكيفية علاجه والفرار والتحصين منه من خلال عرض محفوف بالآيات، مكلل بالأحاديث، مزين بنقول العلماء سلفًا وخلفًا، ومصورًا بوقائع من الحياة، في منظومة جميلة عن تشخيص المرض وعلاجه والتحذير منه ومن آثاره وعواقبه، فنرى الشيخ ماجد شبالة حفظه الله تعالى يناقش -في رسالته العلمية التي حصل بها على درجة الماجستير- قضية الشرك بالله تحت مسمى «الشرك بالله أنواعه وأحكامه».
وقد قامت دار الإيمان بالإسكندرية بطبع هذه الرسالة العلمية القيمة في مجلد ضخم فاق ألف صفحة، بسعر في متناول الجميع بطبعة جيدة.
وبصراحة فإن هذا الكتاب يعد واحدًا من الكتب الشاملة لموضوعها وتناول كل جزئياته بالبحث والمناقشة مع تبيين الأدلة على كل جزئية والحق فيها في جمع المسائل بأدلتها بالإضافة إلى تعدد الأدلة ما بين نقلية قرآنية وحديثية ونقول سلفية وبين عقلية تخالط العقل والقلب في واحدة من أخطر القضايا التي تحدد الحكمة من الخلق ووجود الكون وهي إفراد الله تعالى بالعبادة.
فالمؤلف -سدده الله ووفقه- قد تتبع هذه القضية الخطيرة في حياة البشرية من نواحٍ متعددة؛ فمن ذلك الاتجاه التاريخي فتتبع نشأة الشرك وتاريخه وتطوره في حياة الناس ورد بعض المزاعم في نسبة الشرك لنبي الله آدم عليه السلام وغير ذلك من المسائل التي يرد فيها القول ويذكر الأدلة ويصحح الأقرب من جهة النقل والعقل، وهذا من المناهج التي تراها في ذلك الكتاب؛ فإن الشيخ حفظه الله تعالى قد تعرض في كثير من المسائل لبيان الحكم والعلل والرد على المخالف صراحة أو ببيان وجه الصواب في المسألة مدعمًا بالأدلة.
ولخطورة هذا الموضوع نرى المؤلف تتبع أسبابه وبين آثاره وتبعاته وأضراره بصورة شاملة بما تراه في ذلك الكتاب.
ولأنه من المقرر أن الشريعة الإسلامية قد جاءت بمصالح الناس الدينية والدنيوية، فالمؤلف في جزء كبير من رسالته يناقش موقف الشريعة الإسلامية من قضية الشرك بالله تعالى من عدة جوانب.
فمن ذلك توضيح معنى الشرك وبيان حقيقته وضوابطه، وكذلك بيان مسالك العلماء في تقسيم الشرك بحسب الظهور والخفاء، ومن ذلك الشرك باعتبار محله وتعلقه بأفعال العباد، فجعله على أقسام ثلاث من شرك قلبي وعملي وقولي، إلى غير ذلك من الأقسام التي تناولت هذه القضية باعتبارات متنوعة.
وتناول المؤلف -حفظه الله ووفقه- اعتناء الشريعة الإسلامية بحماية معتنقيها من الوقوع في براثن هذه الآفة الخطيرة؛ من خلال التحريم المباشر لوسائل الشرك، وسد الذرائع والوسائل المؤدية إليه، من خلال توضيح الأساليب القرآنية والنبوية في التحذير من هذه القضية وكيف اعتنيا ببيان خطورتها من خلال جملة كبيرة من الأمور المتمثلة في وجوب تنزيه الله تعالى وإبطال ألوهية غيره وحتمية إفراده بالعبادة، مع ذكر عاقبة الشرك والمشركين والاستدلال على ذلك بمختلف الأدلة من أمثلة وحجج وبراهين فطرية وعقلية، وإظهار كيفية رعاية القرآن لجانب التوحيد، وكذلك بيان الطرق التي حمى بها النبي صلى
¥