تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نرى ونرجو أن نفوز بذلك في الآخرة ونكون من المفلحين في العقبى وأشكو إلى الله التقصير في الأعمال وتشتت الأحوال. ومعنى ذلك أن نصدق حبيب الله ورسوله المصطفى أبا القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم العربي القريشي الهاشمي المكي ثم المدني صلى الله عليه وسلم في جميع ما جاء به من عند الله تعالى مما تضمنته آيات القرآن واشتملت عليه دواوين السنة والآثار. ولكن ذلك أمور كثيرة غير محصورة لا تفي الطاقة البشرية لاستحضار تفاصيلها جملة وتعجز عن الالتفات إليها دفعة، فاكتفى بالإجمال مع إعطاء حكم التفاصيل وحقها فيما جذبه جاذب إلى تعقلها وتذكر آحادها، لما ثبت على القطع واليقين رسالته ونبوته وظهر في جميع ما أخبر به صدقه وحقيته ثبوتاً لا مرد له وظهورا بيناً لا مرية فيه. والذي يقتضيه ذلك ويوجبه وما يكون فيه مصداقه أن نأخذ بجملة ذلك ونعض عليها بالنواجذ بأن نعتقد جميع ما يتعلق بالعقائد من أخباره ونتعبد بجميع مايتعلق بالعبادات الواردة عنه إلينا غير مختص بجنابه وغير ذلك مما ورد في المعاملات والحدود والكفارات كل في بابه بتنزيلها في منزلتها والتأسي بها على جهتها. ولا يسوغ لأحد أن يعدل عنه إلى غيره قط من عقيدة أو قول أو فعل ما كان وعمن كان ومن كان. ولأن عدل أحد إلى غيره أو أعرض عنه العمل بموجبه على نهج عدم الإذعان به والتسليم له يصير رادًّا له وكافراً به لا محالة وهالكاً أبدياً بلا ريبة. ومعنى قولنا على نهج عدم الإذعان أنه لو عدل عنه إلى ما سواه أو لم يجوّز العمل به بناءً على وقوع الريبة في طريق إثباته أو تطرق التأويل في وجوه دلالاته لا يكون كافراً في مظان تحملاته ومحال تأويلاته ولو على بعد وعلى غير الصحة ما لم يكن محض عناد ومكابرة.< o:p>

فلا يستصح ذلك القدح في الحنفية في إنكارهم فرضية الفاتحة بقوله عليه الصلاة والسلام: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب". ولا الشافعية في إنكارهم حرمة متروك التسمية عمداً بقوله تعالى: "وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ" الأنعام: 121. ولا مالك وأتباعه في إنكارهم تنجس ماء قليل لم يتغير أوصافه بوقوع النجاسة بقوله عليه السلام: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً فإنه لا يدري أين باتت يده". ولا أحمد وأصحابه في جحودهم الجمعة إذا اجتمعت مع العيد في يوم واحد وقد ورد في صحيح مسلم عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتيك حديث الغاشية وإذا اجتمعا في يوم يقرأ بهما في الصلاتين أيضاً أخرجه الأربعة.

ولا تكفير الروافض في إنكارهم ما ورد في مناقب أبي بكر وعمر وعثمان وغيره من الصحابة رضي الله عنهم. ولا الخوارج في ردهم ما ورد في مناقب علي وسائر أهل البيت وجمهور الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وكثير من الأحاديث. ولا المعتزلة في إنكارهم ما ورد في خلق أفعال العباد ومسألة الرؤية وإيمان أصحاب الكبائر وأمثال ذلك. فإن كل واحد من هؤلاء غير خارجين عن الإيمان وإنما خلافهم في داخل الإسلام على التفاوت بين مقارب ومباعد، معتقدون للشريعة ومصدقون بخبر النبوة مذعنون له ومسلمون، لكنهم مؤولون لا مكذبون والكفر تكذيب خبر النبوة وردع أحكام الشريعة بالإضافة إلى جناب الرسالة صلى الله عليه وسلم ولا يكذب أحد منهم جناب الرسالة وأخبار النبوة أصلاً.< o:p>

وإنما يتوقف في أحكامها في مواقعه ويتردد في مواضعه لريبة وقعت في طريق ثبوتها أو شبهة تطرقت في إفادتها مع الإذعان بما صدر عنه والتسليم لما أراد منه. < o:p>

وأبعد من هؤلاء كلهم عن الحق وأضل عن السبيل وأخوف حالاً عند ربه الجليل من لا يرى التمسك بالأدلة والحجج البينات ويرد صحاح الأحاديث ونصوص الآيات ويزعم أن الاحتجاج بها إنما هو وظيفة المجتهد وقد انقضى عصره والدليل لغيره إنما هو قوله لا غيره. ويتعلل بأن الآيات والأحاديث لما فيها من الاحتمالات من ضعف ونكارة ومن تخصيص وتقييد ونسخ وتأويل لا يتمكن من معرفتها إلا الفقيه المجتهد. وأنت لا تشك أن كل احتمال يعترض الأحاديث بالنظر إلى إسناده وأحوال رواته أو بالنسبة إلى وجوه دلالاته يجري في أقوال الفقهاء مع أن غالبه خالٍ عن الإسناد إليه فضلاً عن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير