تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[التقوى سبب كل خير للشيخ ابن باز رحمه الله]

ـ[نبيل الأثري]ــــــــ[07 - 07 - 04, 05:46 م]ـ

التقوى سبب كل خير

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه سيدنا وإمامنا ونبينا محمد بن عبدالله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم القيامة، أما بعد:

فلشدة الحاجة إلى التقوى ولعظم شأنها ولكون كل واحد منا بل كل واحد من المسلمين في أشد الحاجة إلى التقوى والاستقامة عليها رأيت أن أكتب فيها كلمة موجزة عسى الله أن ينفع بها المسلمين فأقول:

كل من تدبر موارد التقوى في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام علم أنها سبب كل خير في الدنيا والآخرة. فأنت يا عبد الله إذا قرأت كتاب ربك من أوله إلى آخره تجد التقوى رأس كل خير ومفتاح كل خير وسبب كل خير في الدنيا والآخرة وإنما تأتي المصائب والبلايا والمحن والعقوبات بسبب الإهمال أو الإخلال بالتقوى وإضاعتها أو إضاعة جزء منها فالتقوى هي سبب السعادة والنجاة وتفريج الكروب والعز والنصر في الدنيا والآخرة ولنذكر في هذا آيات من كتاب الله ترشد إلى ما ذكرنا، من ذلك قوله جل وعلا (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) الطلاق2،3.

قال بعض السلف: هذه الآية أجمع آية في كتاب الله، أو قال: من أجمع آية في كتاب الله وما ذاك إلا لأن الله رتب عليها خير الدنيا والآخرة فمن اتقى الله جعل له مخرجاً من مضائق الدنيا ومضائق الآخرة والإنسان في أشد الحاجة بل في أشد الضرورة إلى الأسباب التي تخلصه من المضائق في الدنيا والآخرة ولكنه في الآخرة أشد حاجة وأعظم ضرورة وأعظم الكربات وأعظم المضائق كربات يوم القيامة وشدائدها،،

فمن اتقى الله في هذه الدر فرج الله عنه كربات يوم القيامة وفاز بالسعادة والنجاة في ذلك اليوم العظيم العصيب فمن وقع في كربة من الكربات فعليه أن يتقي الله في جميع الأمور حتى يفوز بالفرج والتيسير فالتقوى باب لتفريج كربة العسر وكربة الفقر وكربة الظلم وكربة الجهل وكربة السيئات والمعاصي وكربة الشرك والكفر إلى غير ذلك فدواء هذه الأمور وغيرها أن يتقي الله بترك الأمور التي حرمها الله ورسوله وبالتعلم والتفقه في الدين حتى يسلم من داء الجهل وبالحذر من المعاصي والسيئات حتى يسلم من عواقبها في الدنيا والآخرة فالسيئات لها عواقب في الدنيا من عقوبات قدرية و عقوبات شرعية من الحدود والتعزيرات والقصاص ولها عقوبات في الآخرة،

أولها عذاب القبر ثم بعد الخروج من المقابر بعد البعث والنشور عقوبات وشدائد يوم القيامة ومن عقوباتها أيضا أن الإنسان يخف ميزانه بسبب إضاعة التقوى ويرجح ميزانه بسبب استقامته على التقوى ويعطي كتابه بيمينه إذا استقام على التقوى ويساق إلى النار إذا ضيع التقوى وخالف التقوى ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الإنسان محتاج أيضاً إلى الرزق الحلال الطيب في هذه الدار وإلى النعيم المقيم في الآخرة وهو أحسن نعيم وأعظم النعيم ولا نعيم فوقه ولا طريق إلى ذلك ولا سبيل إلا بالتقوى فمن أراد عز الدنيا والرزق الحلال فيها والنعيم في الآخرة فعليه بالتقوى.

والإنسان محتاج إلى العلم والبصيرة والهدى ولا سبيل إلى ذلك إلا بالتقوى كما قال عز وجل (يا أيها الذين ءامنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا) الأنفال29 والفرقان كما قال أهل العلم: هو: النور الذي يفصل به بين الحق والباطل وبين الهدى والضلال.

ولا يخفى على من تأمل أن الاجتهاد في طلب العلم والتفقه في الدين من جملة التقوى وبذلك يحصل النور والهدى وهما الفرقان.

فالتقوى كلمة جامعة حقيقتها الإيمان والعمل الصالح كما قال الله جل وعلا (إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم) لقمان8 وكما قال عز وجل (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) النحل97،فالتقوى حقيقتها إيمان صادق بالله ورسوله وبما أخبرت به الرسل عما كان وعما يكون ثم عمل صالح وهو مقتضى الإيمان وموجبه ومن ذلك التعلم والتفقه في الدين وهما من التقوى كما تقدم ولذلك رتب الله على التقوى الفرقان لأن من شعبها التعلم والتفقه في الدين والتبصر في ما جاء به المصطفى عليه الصلاة والسلام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير