فلهذا سمى الله دينه عبادة لأن العبادة عند العرب هي: التذلل والخضوع والانكسار يقولون طريق معبد يعني مذلل قد وطأته الأقدام ويقولون أيضا: بعير معبد يعني قد شد ورحل حتى ذل للركوب والشد عليه فسميت طاعاتنا لله عبادة لأننا نؤديها بالذل والخضوع لله جل وعلا وسمي العبد عبداً لأنه ذليل بين يدي الله مقهور مربوب للذي خلقه وأوجده وهو المتصرف فيه سبحانه وتعالى.
وسمي هذا الدين أيضاً إيماناً لأن العباد يؤدونه عن إيمان بالله وتصديق به ورسله فلهذا سمي دين الله إيماناً لهذا المعنى كما في الحديث الصحيح من قول النبي صلى الله عليه وسلم (الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قوله لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان) أخرجه الشيخان واللفظ لمسلم فبين عليه الصلاة والسلام أن الدين كله إيمان وأن أعلاه قول لا إله إلا الله فعلمنا بذلك أن الدين كله عند الله إيمان ولهذا قال سبحانه (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار) التوبة72،فسماهم بذلك لأنك أيها المؤمن بالله واليوم الآخر تؤدي أعمالك وطاعتك وتترك المحارم عن إيمان وتصديق بأن الله أمرك بذلك ونهاك عن المحارم وأنه يرضى منك هذا العمل ويثيبك عليه وأنه ربك ولم يغفل عنك وأنت تؤمن بهذا ولهذا فعلت ما فعلت فأديت الفرائض وتركت المحارم ووقفت عند الحدود وجاهدت نفسك لله عز وجل.
وسمى الدين براً لأن خصاله كلها خير وسمى هذا الدين هدى لأن من استقام عليه فقد اهتدى إلى خير الأخلاق وإلى خير الأعمال لأن الله بعث نبيه صلى الله عليه وسلم ليكمل مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال كما في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وفي حديث أنيس أخي أبي ذر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى مكارم الأخلاق فهذا الدين سمى هدى لأنه يهدي من استقام عليه إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال كما قال عز وجل (ولقد جاءهم من ربهم الهدى) النجم23،وقال في أهله (أولائك على هدى من ربهم) البقرة5،وقال في أهله أيضا (وأولآئك هم المهتدون) البقرة157،وبهذا تعلم يا أخي معني هذه الألفاظ، الإسلام، الإيمان التقوى، الهدى، البر: العبادة، إلى غير ذلك.
وتعلم أيضا أن هذا الدين الإسلامي قد جمع الخير كله فمن استقام عليه وحافظ عليه وأدى حقه وجاهد نفسه بذلك فهو متق لله وهو موعود بالجنة والكرامة وهو موعود بتفريج الكروب وتيسير الأمور وهو الموعود بغفران الذنوب وحط الخطايا وهو الموعود بالنصر على الأعداء والسلامة من مكائدهم إذا استقام على دين الله وصبر عليه وجاهد نفسه ودى حق الله وحق عباده فهذا هو المتقي وهو المؤمن وهو البر وهو المفلح وهو المهتدي والصالح وهو المتقي لله عز وجل وهو المسلم الحق.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
(الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله، مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، الجزء2)
ـ[السدوسي]ــــــــ[17 - 04 - 08, 08:40 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[هشام محمد عواد الشويكي]ــــــــ[26 - 05 - 08, 06:30 م]ـ
رحم الله شيخنا رحمة واسعة وأدخله فسيح جنانه.
ـ[عيسى بنتفريت]ــــــــ[26 - 05 - 08, 11:03 م]ـ
بارك الله فيك وجزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك.
ورحم الله الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن باز وأسكنه فسيح جناته و أصلح ذريته وجمعنا و إياكم و إياه في دار كرامته إنه سميع قريب. وأسأل من الله العلي القدير أن يجمعنا ومشايخنا مع محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم.