كتَبَ الشّيخ زيد - رحمه الله - مقالاً في مجلة الدعوة العدد رقم (216) في 12/ 6/1389هـ هو بعنوان "أحْرقوا المسجد الأقصى"، وتطرَّق فيه إلى اليهود ومؤامراتهم على المسلمين، وإلى "مصطفى كمال أتاتورك"، وأنَّه من يهود الدونمة، حيث أشار أنَّه جَرَتْ في عصره مجازر للمسلمين، وسُلِّمت البلدانُ الإسلاميَّة التي كانت تابعةً للدولة العثمانية إلى المستعمرين الصليبيِّين بتحريض من اليهود ومؤامراتهم.
فاستغلَّ بعضُ المغرضين هذا المقالَ لإسكاتِ قلمه عن إظهار الحق، ومحاربة الباطل.
وتسبَّب هذا المقالُ في فصْل الشّيخ عن عمله، ومَنْعه عن مزاولة الكتابة في الصُّحف والمجلاَّت، وصدر بذلك أمرُ الملك فيصل بن عَبدالعزيز، وذلك في 15/ 8/1389هـ.
مع العِلم أنَّ مقالته الأولى "أخطاء في كتاب أصول العالم الحديث" في 12/ 6/1389هـ، وهي سابقة لمقالته الثانية "أحْرقوا المسجد الأقصى"، والذي يظهر أنَّ المقالة الأولى هي السببُ في فصلِه بسبب وشايةِ بعض المغرِضين من أصحاب الأهواء، ورغبةً في الانتقام، فاستُغلِّت المقالة الثانية عن مصطفى كمال أتاتورك في تحقيق ما يريدون، فكان لهم ذلك، وتمَّ فَصْل الشّيخ عن عمله، ومَنْعه من الكتابة.
وقد كان لقرار فصله أصداءٌ واسعة لدَى العلماء والمثقَّفين، فكتب سماحة الشّيخ عَبدالعزيز بن باز - رحمه الله - خطابًا في 28 - 27/ 8/1389هـ جاء فيه: "من عَبدالعزيز بن عَبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرَّم فضيلة الشّيخ زيد بن عَبدالعزيز بن فياض - وفَّقه الله، وبارك في جهوده، آمين.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد، فأرجو أنَّكم والوالدين والأولاد والأهل بتمام الصِّحة والعافية، كما أنَّا ومَن لدينا بذلك - ولله الحمد - وأسأله - سبحانه - أن يَرزقَنا وإيَّاكم شُكرَ النِّعم، والثباتَ على دينه، إنَّه خير مسؤول، ثم يا محبُّ، أخبَرَني الابن عَبدالرحمن بن عقيل بأمْر كدَّرني، وهو أنَّه صدر أمرٌ بفصلكم من العمل، ومَنْعكم من الكتابة في الصحف، وتغريمكم بعضَ المال؛ لأسباب كتابيَّة، ولا شكَّ أنَّ هذا الأمر يُكدِّر كلَّ غيور على الإسلام، ومحبٍّ لنشر الدعوة الإسلاميَّة، والتنبيه على غَلَط الغالطين الذي يُخشَى شرُّه على المسلمين.
كما أنَّه لا شكَّ أنَّ الداعي إلى الله يُبتلى ويمتحن لأسبابٍ كثيرة، ثم تكون العاقبة الحميدة للمخلصين الصادقين؛ كما قال الله – سبحانه -: ? فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ? [هود: 49]، فأرجو الإفادةَ بالتفصيل عن الواقع، أحسن الله لنا ولكم العاقبة، ووفَّق ولاةَ الأمر لكلِّ خير، وأصلح لهم البطانةَ، ونَفَع بهم عبادَه، إنَّه خير مسؤول، وأرجو إبلاغَ سلامي الوالدين والإخوة والأولاد، وخواصَّ المشايخ والإخوان، كما منَّا الأولاد والمشايخ والإخوان كلهم بخير وعافية، والله يتولاكم إليه والسلام".
وكتب سماحته خطابًا في 18/ 11/1389هـ موجَّهًا إلى الملك فيصل بن عَبدالعزيز - رحمه الله - جاء فيه:
بَسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيم
من عَبدالعزيز بن عَبدالله بن باز إلى حضرةِ صاحب الجلالة الملك المعظَّم فيصل بن عَبدالعزيز، نصَرَ اللهُ به دِينَه، وثبَّت إيمانَه ويقينَه، آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد علمت - حفظكم الله - بأمر جلالتِكم بفَصْل الشّيخ زيد بن فياض مدير عام المكتبات بوزارة المعارف، ومنْعه من الكتابة على إثْر المقال الذي نشره بصحيفة "الدعوة"، في عددها الصادر بتاريخ 12/ 6/1386هـ عن اليهود، على إثْرِ قيامهم بحرْق المسجد الأقصى الذي ضَمَّنه بيانَ حال اليهود منذ القِدم، وإهانتهم للمقدَّسات، وقتلهم لأنبيائهم، وإفسادهم في الأرض، وأكْلهم أموالَ الناس بالباطل، وإباحتهم للأعراض، وغير ذلك من الجرائم والأخلاق الذميمة التي اتَّصف بها اليهود عَبرَ التاريخ، مما ذَكَره القرآنُ والسُّنة النبويَّة المطهَّرة، وتُعرُّضه في أثناء المقال لعدوِّ الإسلام - مصطفى كمال أتاتورك - ممَّا دَعَا السفارةَ التركية بجدة للسعاية ضدَّه، وطلب محاكمته.
¥