وأُفيد جلالتَكم أنِّي قد قرأتُ المقال المذكور، وهو مقالٌ عظيمٌ مفيد، قد استوعبَ فيه أعمالَ اليهود ومؤامراتهم ومخازيَهم، واعتنى فيه بذِكْر ما كتبه أصحابُ الفكر، لا سيَّما ما ذَكَره رئيس الولايات المتحدة الأسبق - بنيامين فرانكلين - ورئيس الدولة الألمانية/ هتلر في شأنهم، والمقالُ في مجموعه يتكلَّم عن اليهود وأعمالهم، ويشرح أهدافَهم ونواياهم الخبيثةَ، وهو بحقٍّ يستحق عليه جائزةً كريمة، ولم يأتِ ذِكْر مصطفى كمال فيه إلاَّ عرضًا.
ومصطفى كمال معروفٌ بعداوته للإسلام والمسلمين، ومحاربته للدِّين، ومَنْعه تدريس اللُّغةِ العربية، واستبدالها بالحروف اللاتينيَّة، وتحويله الدولة التركيَّة إلى دولة علمانيَّة، مما يشهد على كُفرِه وإلحاده.
والشّيخ زيد بن فياض حين تعرَّض لمصطفى كمال لم يأتِ بجديد، وإنَّما نقل هذه المعلوماتِ من المصادر العِلميَّة التي تعرَّضت لحياة المذكور، وسيرته وأعماله، ممَّا هو مشهور ومعروف.
ولا يَخفَى على جلالتكم أنَّ الشّيخ زيد بن فياض مِن خِيرة الكتَّاب الإسلاميِّين في المملكة، وله نشاطٌ مشكور في حقلي الصحافة والتأليف، ونشْر الوعي والثقافة الإسلاميَّة، ومحاربة المذاهب والعقائد الإلحاديَّة، وله كتبٌ كثيرة في هذه المواضيع، ومثلُه يستحقُّ التشجيعَ والتأييد، لا الفصل والإهانة، ممَّا يُفرِح أعداءَ الدِّين من القوميِّين والمنحرفين في بلاد تَحكُم بالإسلام، وتدين بالقرآن، ويرعى شؤونَها ملِكٌ مسلم، يدعو إلى دِين الله، ويخاف غضبَ الله، يوالي في الله، ويعادي فيه.
أمَّا السِّفارة التركيَّة، فيُمكن أن تجامَل بإجراء آخرَ حسبَ ما يراه جلالتُكم، كما أنَّه في إمكان جلالتكم الإيعاز إلى الشّيخ زيد بتجنُّب الأشياء التي يُخشَى تأثيرها على العلاقات الدوليَّة.
أمَّا فصلُه من العمل ومَنْعُه من الكتابة بصفة دائمة، فغير جائزٍ - فيما أرى - من الوجهة الشرعيَّة، وغير لائق بمقام جلالتِكم؛ لِمَا في ذلك من السُّمعة السيِّئة بين المواطنين عندَ التحدُّث عن سبب الفَصْل ودواعيه.
فأرجو مِن جلالتكم ملاحظةَ الاعتبارات المذكورة، والتفضُّل بإعادته إلى عملِه؛ براءةً للذِّمَّة، وتشجيعًا لدعاة الحقِّ، ودحرًا لأهل الباطل.
سدَّد الله خُطاكم، وبارك في مساعيكم، وجعل التوفيقَ للحقِّ حليفكم في القول والعمل، إنَّه سميع قريب، والله يحفظكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
نائب رئيس الجامعة الإسلامية:
ثانيًا: مقال "أخطاء في كتاب (أصول العالَم الحديث) ":
وكان الشّيخ - رحمه الله - قد كتَب مقالاً بعنوان "أخطاء في كتاب أصول العالَم الحديث"، وذلك في صحيفة البلاد، حيث نُشِرت الحلقة الأولى في 14/ 2/1389هـ يقول فيه: "وتوقَّف نشْر باقي الحلقات على إثْر بعض التدخُّلات، وكان هذا الكتاب يُدَرَّس في المدارس الثانوية بالمملكة حوالي عشر سنوات، وطبع ثلاثَ طبعات، وفيه أخطاء شنيعة منافية لعقيدة المسلمين، وفيه إثارةٌ للفتن، فاستاء بعضُ الأشخاص مِن نقدي لهذا الكتاب، وحِيكت الدسائس، فانتهزوا الفرصةَ بعد نشْر مقالي عن حريق المسجد الأقصى، فكان ما كان".
وقد لقي مقال "أخطاء في كتاب أصول العالم الحديث" قَبولاً طيبًا من أهل العِلم والفكر والغَيْرة، وعلى رأس هؤلاء سماحة الشّيخ عَبدالعزيز بن عَبدالله بن باز - رحمه الله - الذي كتَب خطابًا إلى الملك فيصل - رحمه الله - وكتب إلى الشّيخ زيد - رحمه الله - خطابًا جاء فيه:
من عَبدالعزيز بن عَبدالله بن باز إلى حضرة الأخ المكرَّم فضيلة الشّيخ زيد بن عَبدالعزيز بن فياض - وفقه الله، آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعدُ:
يا محبُّ، اطلعتُ على مقالكم القيِّم المنشور في صحيفة البلاد بتاريخ 14/ 2/1389هـ ضدَّ كتاب (أصول العالم الحديث)، وإني إذ أشكرُكم على ذلك، أرجو الله - سبحانه - أن يُثيبكم على هذا العمل الجليل، وأن يمنحَكم القوَّة والنشاط لمواصلةِ الجهود في مكافحة الكُتب الهدَّامة، والتنبيه على ما فيها من سموم وأضرار، وعوامل الهدم، وأن يجعلَنا وإيَّاكم وسائرَ إخواننا مِن حماة شريعتِه، والدُّعاة إليه على بصيرة حتَّى نلقاه - سبحانه.
¥