[حمل رفع الملام عن الأئمة الأعلام لابن تيمية رحمه الله]
ـ[أبو حمزة الشامي]ــــــــ[13 - 07 - 04, 09:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد:
فهذه رسالة نادرة من رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ألا وهي ((رفع الملام عن الأئمة الأعلام))
وهذه الرسالة ((على وجازتها)) هي من أفضل ما كتب في أسباب اختلاف الفقهاء ولا سيما في عدم الأخذ بالحديث
بل أقول: هي ((فيما أرى)) أفضل رسالة على الإطلاق تتحدث عن هذا الموضوع الجلل
وقد قرأت كثيرا في هذا الموضوع بل لم أترك كتابا ألف فيه ((ووقع بين يدي)) إلا وقد اقتنيته وهي تزيد على الثلاثين ما بين كتاب وبحث قديما وحديثا ومنها رسالة ولي الله الدهلوي رحمه الله ((الإنصاف في أسباب الاختلاف)) وهي رسالة قيمة جدا
**************
وأنا باختياري هذه الرسالة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أبتغي عدة أهداف أوجزها فيما يلي:
1. أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قد بلغ درجة الاجتهاد المطلق وعرف أسباب الاتفاق وأسباب الاختلاف بين الأئمة على حقيقتها وغيرها من أمور الاجتهاد المطلوبة للمجتهد وهذا ما يجعلنا نثق الثقة الجازمة بما خالف فيه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله غيره من العلماء وأن هذه المخالفة قائمة على الدليل الراجح وليس على الهوى أو التشهي فقد كان ((بحق)) أهلا لذلك ومن ثم يمكن الأخذ برأيه دون حرج فهو كالأئمة السابقين المقتدى بهم في الدين وربما فاقهم في بعض الجوانب
2. أننا نرد بهذه الرسالة على بعض محبي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ممن طعن بالأئمة السابقين ((دون وجه حق)) الذين أجمعت عليهم الأمة وهذا الطاعن لم يبلغ من العلم عشر معشار ما وصلوا إليه ((ويقول عنهم: هم رجال ونحن رجال))!!!!
3. وكذلك نرد بها على من يزعم أنه يجب الاجتهاد على جميع الناس فهذا تكليف ما لا يطاق لأن الناس ليسوا بسوية واحدة والله تعالى قال لنا في كتابه العزيز: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (122) سورة التوبة بل لا يجب الاجتهاد إلا على من ملك شروطه وهم القلة القليلة من هذه الأمة عبر التاريخ الإسلامي كما هو معلوم
4. وكذلك نرد بها على من يدعي أن صحة الحديث موجبة للعمل به دون النظر أنه منسوخ أو مطلق أو عام وله ما يقيده أو يخصصه أو ما يعارضه من أدلة أخرى فهناك انفكاك بين القضيتين كما هو معلوم عند علماء الأصول
5. وكذلك نرد به على من يوجب على الأئمة ((العمل)) بحديث صححه هو أو غيره ويؤثم من لم يعمل به ويرميه بتهم ما أنزل الله بها من سلطان بحجة أنهم مخالفون للسنة وهو متبع للسنة!!!!
6. وكذلك نرد به على متعصبي المذاهب الذين لا يحبون شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بحجة أنه خالف مذهبهم أو رد عليهم في بعض المسائل الاجتهادية أو خرج عن المذاهب المتبوعة فنقول لهم: هل وجدتم عبر التاريخ الإسلامي الطويل واحدا من أتباع الأئمة دافع عنهم دفاعا علميا رصينا ومتينا كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؟؟؟ ولذا نقول لهم: اتقوا الله فيما تتهمون به شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من تهم باطلة وعليكم أن تنظروا إليه بعين العقل والإنصاف كما يتكلم عن الأئمة في هذه الرسالة ((النفيسة))، بل سمعت مرة من أحد المشايخ أنه ينقل عن بعض هؤلاء المتعصبين قوله عن رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ((هذه)) أنه قد ألفها نفاقا!!!!
((كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا)) فيقال لهؤلاء ((العميان)): نافق بها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من؟؟ العلماء ((الذين كانوا يفتون بشذوذه وانحرافه وسجنه حتى آخر لحظة من حياته)) أم ألفها نفاقا للسلاطين؟؟ الذين كانوا يدكونه في السجن لتبعيتهم العمياء لأولئك المتعصبين المقلدين من الفقهاء وقد مات مسجونا في سجن القلعة بدمشق ولو كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مداهنا أحدا في دين الله تعالى لتراجع ((ولو ظاهرا)) عما قاله أو أفتى به وسبب له السجن والعذاب ولكنه بقي ثابتا كالطود الشامخ حتى آخر لحظة من حياته وما تراجع عن شيء منها، بل ما كان السجن يزيده إلا ثباتا على أقواله، فتبا لقوم يقولون مثل هذا البهتان على شيخ الإسلام عليه الرحمة والرضوان
7. كما أن هذه الرسالة موجهة لطلاب العلم والباحثين عن الحقيقة تقول لهم: قبل أن تنكروا على الآخرين فيجب عليكم الاحتياط الشديد ولا سيما الأئمة المتقدمين وكونوا كما قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (10) سورة الحشر
*****************
أسأل الله تعالى أن ينفع به جامعها وقارئها وناشرها آمين
قال تعالى على لسان النبي شعيب عليه السلام:
{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (88) سورة هود
*****************
وقد أضفت لها بحثا عن خلاصة فقه الاختلاف من الموسوعة الفقهية ومن الإنصاف للدهلوي رحمه الله وذلك تتميما للفائدة
************
أبو حمزة الشامي
24 جمادى الأولى 1425 هـ الموافق 14/ 7 /2004 م
¥