تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقد ذهب المالكية والحنابلة إلى أن زواج التحليل فاسد (باطل) لا فرق بين ما اشترط فيه التحليل في العقد أو قبله أو بعده وبين ما نوى فيه فقط بدون اشتراط، لما روي عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ». قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «هُوَ الْمُحَلِّلُ لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ». (أخرجه ابن ماجة)، فهذا يدل على أن عقد التحليل غير صحيح على أي وجه وقع لعدم التفصيل.

وهذا ما فهمه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد روى عن عمر أنه كان يقول: "لا أوتي بمحلل ولا بمحللة إلا رجمتهما بالحجارة" والرجم بالحجارة لا يكون إلا على الزنا. ((أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (10777) بإسناد صحيح

وروى البيهقي عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا فَتَزَوَّجَهَا أَخٌ لَهُ عَنْ غَيْرِ مُؤَامَرَةٍ مِنْهُ لِيُحِلَّهَا لأَخِيهِ هَلْ تَحِلَّ لِلأَوَّلِ؟ قَالَ: لاَ إِلاَّ نِكَاحَ رَغْبَةٍ كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. ((صحيح موقوف))

ولأن زواج التحليل زواج مؤقت، وهو غير صحيح لأنه لا يحقق الأغراض التي من أجلها شرع الزواج.

وذهب الحنفية والشافعية إلى تفصيل في المسألة بين ما إذا كان التحليل مجرد نية لم يوجد ما يدل عليها أثناء العقد وبين ما إذا كان مشروطاً فيه.

فإن كان منوياً فقط صح العقد وأفاد الحل إذا تم على الوجه المرسوم شرعاً لعدم وجود ما يؤثر في العقد بالفساد.

أما إذا شرط فيه فذهب الشافعية إلى فساد العقد لوجود الشرط الفاسد الذي يقتضي فساد العقد.

وذهب أبو حنيفة إلى أن هذا الزواج صحيح، لأن هذا شرط فاسد، والزواج لا يفسد بالشروط الفاسدة، فيلغو الشرط وحده ويبقى العقد صحيحاً، ولكنه يكون مكروهاً لحديث "لعن الله المحلل والمحلل له".

وإذا كان العقد صحيحاً فللزوج الثاني البقاء مع زوجته لا يستطيع أحد جبره على مفارقتها، فإذا فارقها باختياره أو مات عنها وانتهت عدتها حلت للأول بهذا الزواج.

الرابعة – أن يتزوجها بغير قصد حلها لزوجها الأول ثم يبدو له بعد الزواج منها طلاقها لأي سبب من الأسباب دون سب التحليل فهذه الصورة جائزة عند الجميع أنها بعد العدة يجوز لزوجها الأول أن يتقدم إليها خاطبا كبقية الخطاب من الناس ممن يحل لهم الزواج منها

****************

ومن هنا فقد خاض شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذه المسألة الخطيرة ((والتي يقع بها كثيرا من الناس اليوم)) من كل جوانبها

أولا - من حيث أسبابها وهي في الغالب إما الطلاق الثلاث بلفظ واحد وهو يقع عند الجمهور ثلاثا

أو بسبب الغضب فطلقها ثلاثا ثم ندم على ذلك وهذا واقع كذلك عند الجمهور ((وسنفرده ببحث خاص إن شاء الله))

أو بسبب الطلاق المعلق على شرط

وهذه المسائل الثلاث قد قام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بحلها مما يزيل سبب الإشكال الذي يوقع الناس في التحليل من أساسه

ولكن المقلدين ((العميان)) لا يعرفون إلا التحايل على النصوص الشرعية لحل مشكلات الناس دون أن يكلفوا أنفسهم بالاجتهاد الصحيح في مثل هذه المسائل الهامة والتي يحتاج غليها الناس وتعم بها البلوة

وثانيا – قيامه بتأليف كتاب حول إبطال نكاح التحليل ولولم يكن له في الفقه إلا هذا الكتاب لشهدنا له بمرتبة الاجتها المطلق بلا شك فقد فند أدلة القائلين بجوازه كاملة ورد على أصحاب الحيل ردودا دامغة أتت على بنيانهم من القواعد فنقضتها نقضا مبرما

ويظهر فيه النفس الطويل وسعة الأفق والشمولية في البحث العلمي الدقيق الرصين

ومن هنا نوجب على فقهاء هذه الأمة الاستفادة من فقه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير