تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ , قَدْ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ , وَالسُّنَّةِ , وَالْإِجْمَاعِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَرَضَ عَلَى الْخَلْقِ طَاعَتَهُ وَطَاعَةَ رَسُولِهِ , وَلَمْ يُوجِبْ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ طَاعَةَ أَحَدٍ بِعَيْنِهِ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ , إلَّا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى كَانَ صِدِّيقُ الْأُمَّةِ وَأَفْضَلُهَا بَعْدَ نَبِيِّهَا يَقُولُ: أَطِيعُونِي مَا أَطَعْتُ اللَّهَ , فَإِذَا عَصَيْتُ اللَّهَ فَلَا طَاعَةَ لِي عَلَيْكُمْ. وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مَعْصُومًا فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ إلَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ; وَلِهَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ: كُلُّ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُتْرَكُ , إلَّا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ رضي الله عنهم , قَدْ نَهَوْا النَّاسَ عَنْ تَقْلِيدِهِمْ فِي كُلِّ مَا يَقُولُونَهُ , وَذَلِكَ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ , فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هَذَا رَأْيِي فَمَنْ جَاءَ بِرَأْيٍ خَيْرٍ مِنْهُ قَبِلْنَاهُ , وَلِهَذَا لَمَّا احْتَجَّ أَفْضَلُ أَصْحَابِهِ أَبُو يُوسُفَ , أَتَى مَالِكًا فَسَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةِ الصَّاعِ وَصَدَقَةِ الْخَضْرَاوَاتِ , وَمَسْأَلَةِ الْأَجْنَاسِ. فَأَخْبَرَهُ مَالِكٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ , فَقَالَ: رَجَعْت إلَى قَوْلِك يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , وَلَوْ رَأَى صَاحِبِي مَا رَأَيْت لَرَجَعَ كَمَا رَجَعْت إلَى قَوْلِك يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ. وَمَالِكٌ كَانَ يَقُولُ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُصِيبُ وَأُخْطِئُ , فَاعْرِضُوا قَوْلِي عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ. وَالشَّافِعِيُّ كَانَ يَقُولُ: إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَاضْرِبُوا بِقَوْلِي الْحَائِطَ , وَإِذَا رَأَيْتَ الْحُجَّةَ مَوْضُوعَةً عَلَى الطَّرِيقِ فَهِيَ قَوْلِي. وَفِي " مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ " لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ اخْتَصَرَهُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لِمَنْ أَرَادَ مَعْرِفَةَ مَذْهَبِهِ قَالَ: مَعَ إعْلَامِيَّةِ نَهْيِهِ عَنْ تَقْلِيدِهِ وَتَقْلِيدِ غَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ: وَالْإِمَامُ أَحْمَدَ كَانَ يَقُولُ: لَا تُقَلِّدْنِي وَلَا تُقَلِّدْ مَالِكًا , وَلَا الشَّافِعِيَّ , وَلَا الثَّوْرِيَّ , وَتَعَلَّمْ كَمَا تَعَلَّمْنَا فَكَانَ يَقُولُ لِمَنْ قَلَّدَهُ: حَرَامٌ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُقَلِّدَ فِي دِينِهِ الرِّجَالَ , وَقَالَ: لَا تُقَلِّدْ فِي دِينِكَ الرِّجَالَ , فَإِنَّهُمْ لَنْ يَسْلَمُوا مِنْ أَنْ يَغْلَطُوا. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ} وَلَازِمُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ لَمْ يُفَقِّهْهُ اللَّهُ فِي الدِّينِ لَمْ يُرِدْ بِهِ خَيْرًا فَيَكُونُ التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ فَرْضًا. وَالْفِقْهُ فِي الدِّينِ مَعْرِفَةُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِأَدِلَّتِهَا السَّمْعِيَّةِ , فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُتَفَقِّهًا فِي الدِّينِ , لَكِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ قَدْ يَعْجِزُ عَنْ مَعْرِفَةِ الْأَدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ , فَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا يَعْجِزُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ , لَا كُلُّ مَا يَعْجِزُ عَنْهُ مِنْ التَّفَقُّهِ وَيَلْزَمُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ , وَأَمَّا الْقَادِرُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ فَقِيلَ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ مُطْلَقًا , وَقِيلَ: يَجُوزُ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ , كَمَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ , وَهَذَا الْقَوْلُ أَعْدَلُ. وَالِاجْتِهَادُ لَيْسَ هُوَ أَمْرٌ وَاحِدٌ لَا يَقْبَلُ التَّجْزِيءَ وَالِانْقِسَامَ , بَلْ قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ مُجْتَهِدًا فِي فَنٍّ , أَوْ بَابٍ أَوْ مَسْأَلَةٍ دُونَ فَنٍّ , وَبَابٍ , وَمَسْأَلَةٍ , وَكُلُّ أَحَدٍ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير