تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لا يهاب كلبة .. عرف يقول إننا أمة تمي وراء دليل بصير بالسبل وهو خاتم الرسل من وطئ برسالته الحصباء فكانت ما يكتحل به السعداء وأمته هي الأمة الأخيرة إن تنكبت طريقه هلكت وغرقت السفينة التي تحمل الذخيرة فلا يرتجى نصر ولا كشف علة إذا جاء داء من مكان دواء .. وإلى الماء يسعى من يغص بريقه فقل أين يسعى من يغص بماءِ وهو مع ذا عرف يقول من تجرد من لباس أخلاق الإسلام أمسى سوءة في خزي وإسفاف وتطفيف وأصبح نكرة بعد تعريف فلا الطيور على أغصانه صدحت وورده ما له في الغصن ايراق وحينها لا العيد عيد ولا الإشراق إشراق ولا الصباح بوجه الأرض براق .. عرف يقول اعرف المرء من فعله لا من كلامه .. إن غرك القول فانظر فعل قائله فالفعل يجلو من بالزيف يستتر وما أنا معشر الأخوة حين أتكلم عن خلقه صلى الله عليه وسلم إلا كمن يحاول جمع البحر في كأس وحصر الدنيا في صندوق وجمع المحيط في كف وهذا ما لا يكون .. هيهات أوفي القول في خير الورى من بعد ما صدعت بمدح النون لكن أعيد القول فيه لعلي من تابعيه الفائزين أكون .. الله أرجو المن بالإخلاص فإنه الطريق للخلاص .. عرف العبير في تواضع البشير النذير تواضعه ما تواضعه؟ أقسم ببارئ النسم وخالق الخلق من عدم إن تواضعه لا يجارى ولا يدارى لم تر العين له مثلا ولا خطرت أوصافه في أذنين لا يرى له فضلا على أحد وله الفضل على كل أحد وهو خير من كل أحد قد انكسر قلبه لله الواحد الأحد فخضع للحق وانقاد له وقبله ممن قاله صغيرا أو كبيرا شريفا أو وضيعا .. حرا أو عبدا ذكرا أو أنثى .. صلى الظهر أو العصر يوما ركعتين كما في الصحيح ثم سلم وشعر بنقص أو خلل لا يدري ما سببه فقام لخشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها وكأنه غضبان قد وضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه لأن نفسه الكبيرة تحس أن هناك شيئا لم تشتك منه ولهيبته صلى الله عليه وسلم لم يجرؤ أحد أن يفاتحه حتى أبو بكر وعمر أكابر صحابته فقام ذو اليدين وقطع ذلك الصمت قائلا: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال بناء على ظنه: لم أنس ولم تقصر فقال ذو اليدين بل نسيت فقال صلى الله عليه وسلم متثبتا: أكما يقول ذو اليدين؟ قال الصحابة نعم فقام وصلى ما ترك وسجد للسهو بعد أن سلم وكأن شيئا لم يكن .. خلق عظيم زكاه العلي العظيم {وَإِنَّكَ لَعَلَى? خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم 4) جعل كبير المسلمين بمنزلة أبيه وصغيرهم بمنزلة ابنه ونظيره في السن بمنزلة أخيه فوقر الكبير ورحم الصغير وأعطى كل ذي حق حقه فلم يكن أحد يلهيه عن أحد كأنه والد والناس أطفال وكيف لا يكون كذلك وقد أنزل الله عليه فيما أنزل أن الجنة دار المتواضعين .. تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين وأمره بالتواضع للمؤمنين { ... وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} (الحجر 88) وأوحى إليه أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد فهو سيد المتواضعين بل سيد ولد آدم أجمعين قد أخذ بزمام هذا الخلق العظيم فهوا أحق من فيه قيل: قسم التواضع في الأنام جميعهم فذهبت أنت فقدته بزمامه وذهبت أنت برأسه وسنامه .. كان يأتي ضعفاء المسلمين يزورهم يعود مرضاهم يشهد جنائزهم يتعهد حاضرهم ويسأل عمن غاب منهم .. لما وصل تبوك سأل: أين كعب بن مالك؟ وبعد إحدى غزواته فقد أحد أصحابه ممن لا يأبه الناس له قال: هل تفقدون من أحد؟ قالوا: فلانا وفلانا وفلانا، قال: هل تفقدون من أحد؟ قالوا: لا، قال: ولكني أفقد جليبيبا فاطلبوه، فطلبوه فوجدوه قد قتل سبعة من المشركين ثم قتلوه، فقال: هذا مني وأنا منه، ثم وضعه على ساعديه حتى أدخله قبره

تواضع قد شاع في البلاد وذاع في الحضر والبوادي .. كذا كان مع أصحابه يشفع لهم يقضي حوائجهم يتخولهم بالموعظة يعفو عن مسيئهم يقضي ديونهم يفرج كروبهم يعلم جاهلهم يطعم جائعهم يكسو عاريهم يسلم على صبيانهم يمسح على رؤوسهم يداعبهم يجلسهم في حجره يحنكهم يدعو لهم يدخل السرور عليهم لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه ما حدثه أحد إلا مال بأذنه إليه .. ما صافح أحدا فيرسل يده حتى يرسلها مقابله .. يكرم من دخل عليه وربما بسط له ثوبه وآثره بوسادته .. يجيب الدعوة ويقبل الهدية ويثيب عليها وإذا ردها أبدى سبب ردها تطييبا لخاطر من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير