تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه أن امرأة كان في عقلها شيء قالت: يا رسول الله إن لي إليك حاجة، فقام يكنيها ويكرمها ويشفق عليها .. أكنيه حين أناديه ولا ألقبه والسوأة اللقب كذاك أُدبت حتى صار من خلقي أني وجدت ملاك الشيمة الأدب يقول: (يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك) فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها .. تلكم أياديه وأخلاقه ظل ظليل ومحل رفيع .. كان إذا صلى الغداة جاء خدم المدينة بآنيتهم فيها الماء فما يؤتى بإناء إلا غمس يده فيه ولو جاءوه في الغداة الباردة .. خلق من ذوب شهد شيب بالماء الفرات .. تأمل غاية التواضع حين تأتيه امرأة لا رجل أمة لا حرة وتأخذ بيده في إشارة إلى غاية التصرف فيه حتى لو كانت حاجة هذه الأمة خارج المدينة .. في الصحيح عن أنس قال: (إن كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت) .. يتق الكبرياء ويدري بأن لم يؤثر الكبرياء إلا الوضيع .. خلق عظيم زكاه العلي العظيم {وَإِنَّكَ لَعَلَى? خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم 4) صلى عليه بارئ العباد ما أمطرت سحب وسال واد .. كان صلى الله عليه وسلم إمام تواضع بلا منازع فتلك براهين أخلاقه كشمس الضحى إذ بدت سافرة .. تواضع في بيته فكان في خدمة أهله وهو قادر على أن يستعين بالخدم لخدمته .. لما سئلت عائشة رضي الله عنها ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته قالت: (كان يكون في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة) .. كان بشرا من البشر يخيط ثوبه ويخسف نعله ويخدم نفسه ويحلب شاته ويعلف دابته ويفلي ثوبه ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم يؤتى بالتمر فيفتشه و يخرج السوس منه ثم يأكل يدني الإناء للهرة لتشرب ثم يتوضأ بفضلها .. يجلس على الأرض ويأكل على الأرض ويلعق أصابعه ويقول: (آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد) وهو خير أهل الأرض من حر وعبد لم يكن له فرش وثيرة ومجالس زاهية فكان يجلس على الأرض وينام على الحصير وسادته التي يتكأ عليها من جلد محشو بليف وفراشه الذي ينام عليه كذلك وربما نام على الحصير فأثر في جنبه .. أتاه عمر يوما وقد نام على حصير أثر في جنبه فهملت عيناه وجثا على ركبتيه وقال صفوة الله في خلقه فيما أرى وفارس والروم يعبثون في الدنيا .. ادعوا الله يا رسول الله فاحمر وجهه وقال: (أفي هذا يا ابن الخطاب أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة) فذا هم سما فوق السماء أبياته ما أبياته أبيات متواضعة .. تسعة أبيات من جريد وطين وحجارة مردومة يدخل الغلام فينال السقف بيده وقبيح بالوضيع الكبرُ لكن حسن خفض جناح الكبراء .. يلبس الثياب المتواضعة النقية النظيفة على قدرته على أن يلبس أفخر الثياب في حين يقسم على أصحابه أقبية الديباج وخير الثياب .. تواضع حتى عاش في ثوب زاهد وأخمصه حل السماك والفرقدا .. لما حج حجة الوداع معه مئة ألف مسلم يصدرون عن رأيه وأمره ونهيه يرقبون حركاته وسكناته ليقتدوا به كان في غاية التواضع لله على رحل رث عليه قطيفة لا تساوي أربعة دراهم ويقول مع ذلك: (اللهم اجعله حجا لا رياء فيه ولا سمعة) .. لا يتميز عن الحجاج بشيء حتى أنه رفض أن يخص بماء دون الناس لم تجعل فيه الأيدي .. قال لعمه العباس حين عرض عليه ذلك: (لا حاجة لي فيه اسقوني مما يشرب الناس) ويردف أسامة على دابته من عرفة إلى مزدلفة أمام الناس وهو من الموالي ويقف لامرأة من آحاد الناس يستمع لها ويجيب عن أسألتها .. لم يصرف الناس عنه فكل يصل إليه ويقضي بغيته .. لم يترك نحر هديه بيده إذ نحر بيده الشريفة ثلاثة وستين بدنا ثم أناب ابن عمه فالله إذ قسم التواضع في الورى أوفى له من حظه المكيال له الصلاة والسلام تترا ما شرى برق على طيبة أو أم القرى .. كان صلى الله عليه وسلم فريدا في تواضعه لم تعرف البشرية مثله أحدا .. هو الله كمل أوصافه وسماه بين الورى أحمدا لكمال تواضعه يتحدث عن رعيه الغنم على أجر زهيد والسكينة والوقار في أهل الغنم كما اخبر .. ثبت عن جابر قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمر الظهران ونحن نجني الكباث – وهو ثمر الأراك – فقال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالأسود منه) وهو الناضج منه فقلنا: يا رسول الله كأنك رعيت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير