تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الغنم؟ .. ففي تواضع النبوة بين أنه على أجزاء من الدرهم رعاها وأنها مهنة ارتضاها الله لأنبيائه فقال: (وهل من نبي إلا رعاها، لقد كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة) .. لما تناهى في العلو تواضع لله زاد الله في إعلائه .. رعى الغنم ثم بعثه الله رعى وربى الأمم فبنى مكان قرى الضلال من الهدى بيتا على طلل الجبال .. يا ابن الرجال وغيره يا ابن القرى شتان بين قرى وبين رجال صلى عليه الله ذو الجلال وصحبه وحزبه والآل .. كان صلى الله عليه وسلم شامة تواضع وكوكب اخبات ان غار فهو من التواضع منجد أو غاب فهو من المهابة شاهد .. كان يوم بني قريضة على حمار مخطوم بحبل من ليف وعليه اكاف من ليف وذلك من كمال تواضعه لا يأنف أن يردف على دابته أحدا معه إن أمكن وإلا تناوب معهم في الركوب عليها .. ثبت أنه صلى الله عليه وسلم ركب حمارا يوما عليه إكاف تحته قطيفة فدكية وأردف وراءه أسامة بن زيد رضي الله عنهما وهو يعود سعد بن عبادة رضي الله عنه وأردف صفية يوما على دابته والناس تنظر إليه بل إن صفية من قبل لما أسرت واختارت الله ورسوله وأسلمت أعتقها وتزوجها وأعطاها على عتقها مهرها ثم قدم البعير لها لتركب عندما أراد المدينة وقدّم فخذه لتضع رجلها عليها فأعظمت ذلك وأبت أن تضع قدمها ثم وضعت فخذها على فخذه وركبت فيا الله امرأة كانت مملوكة فأعتقها وأبوها عدو لدود يؤلب القبائل عليه وكذلك عمها وزوجها يكيد أشد الكيد له ومع ذا فإسلامها قطع صلتها بأولئك ورفع قدرها حتى وضع النبي فخذه لتتوصل إلى ركوب البعير في خلق زكاه العلي الكبير وافى كما وافى النسيم بطيب أنفاس العبير وذا عبد الله بن جعفر رضي الله عنه ما يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاء من سفر تلقي من صبيان أهل بيته وجاء من سفر بسبق بي إليه فحملني بين يديه ثم جيء بأحد ابني فاطمة حسن أو حسين فأردفه خلفه فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة .. هم في جبين الدهر أنصع صفحة لم تبلها الأعوام والآباد وها هو ابن مسعود يقول: كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير لقلة الظهر وكان أبو لبابة وعلي رضي الله عنهم زميلي رسول الله صلى الله عليه وسلم على دابته لم يفرد نفسه براحلة مستقلة بل جعل نفسه كبقية أفراد جيشه ليعلمنا أن الكمال ليس في الترفع على المؤمنين بل الكمال الحقيقي في خفض الجناح للمؤمنين .. إن كريم الأصل كالغصن كلما تحمل من خير تواضع وانحنى .. ركب النبي صلى الله عليه وسلم عقبة ولما أراد أن النزول لهما أقبل علي وأبو لبابة يؤثرانه بركوب الدابة وهم إنما يؤثرون أنفسهم لأنهم أحب عليهم من أنفسهم يقولون نحن نمشي عنك يا رسول الله فبين صلى الله عليه وسلم أن الذي له حق التميز في الركوب هو الضعيف الذي لا يقوى على المشي وأن المشي في سبيل الله ثواب لا يزهد فيه إلا محروم فقال: (ما أنتما بأقوى مني وما أنا أغنى عن الأجر منكما) ثم نزل يمشي فود كل راكب أن لو مشى لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي .. أكرم به من مرسل ومعلم وله الشفاعة حين نحشر في الورى .. فتح الإله به قلوبا غلقت وأنار أبصارا وكانت لا ترى .. أما إنه لم تكد ترى عين أو تسمع أذن بعظيم يقبل أن يزاحمه أحد في راحلته مهما كانت قرابته أو محبته سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلقه الأخلاق قدراً كما علت جميع ليالي العام ليلةُ قدره صلى عليه الله ذو الجلال وصحبه وحزبه والآل .. كان صلى الله عليه وسلم في غاية التواضع لمن أراده وفي حلة مهابة ما خالطه أحد إلا أحبه وما رآه إلا هابه مهيب ترى عند أعتابه عظام الملوك كبعض الرقيق .. ثبت في سنن ابن ماجة عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابته من هيبته رعدة ففي تواضع النبوة يهدئ من روعه ويسكن نفسه ويشفق عليه ويبين له أنه ابن امرأة نشأت متواضعة فقيرة خشنة العيش تأكل اللحم المشقق المملح المجفف بالشمس منتسبا لها تواضعا قائلا: (هون عليك إني لست بملك غنما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد) ترقى بخفض النفس حتى علا السما وحل مكانا لم يكن حل من قبل .. نعم إنه آكلة القديد الأبية ومع ذا فهو هادي البشرية و إمام البرية ومحيي الأمة بشرع الله ذو الفضل والمنة قد أصبحت سبل الدين الحنيف به عوامرا بعد أن كانت نماريتا .. علمنا صلى الله عليه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير