تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولكمال تواضعه صلى الله عليه وسلم لا يستنكف أن يعلم الجاهل ما لم يحسن عمله وهو في كامل زينته ذاهب إلى مسجده فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلام يسلخ شاة لا يحسن سلخها فعز عليه صلى الله عليه وسلم أن يدعه فوقف يعلمه قائلا: (لا أراك تحسن تسلخ) فأدخل يده بين الجلد واللحم فدحس بها حتى توارى إلى الإبط ثم قال: (يا غلام هكذا فاسلخ) ثم مضى إلى صلاته ولم يمس ماء .. خلق عظيم زكاه العلي العظيم {وَإِنَّكَ لَعَلَى? خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم 4) ومن في كتاب الله عظم خلقه فكل مديح ما خلا ذاك ناقص صلى عليه الله ذو الجلال وصحبه وحزبه والآل .. كان صلى الله عليه وسلم عماد تواضع ومنارة إخبات وجد التواضع قد تهدم ركنه فأقام ساقط ركنه المهدوم ..

يقول البراء رضي الله عنه: لما كان يوم الأحزاب وخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيته ينقل تراب الخندق حتى وارى التراب جلدة بطنه وكان كثير الشعر فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة وهو ينقل التراب ويقول: اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا إن الألى قد يغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا) يمد بآخرها صوته أبينا أبينا ..

لم يجعل من نفسه زعيما دنيويا يصدر الأوامر والنواهي وهو في حصن منيع بمعزل عن جنده تحرسه الحراسة بل شاركهم يعمل كما يعملون وهذا مثل لتواضعه وسلوكه الذي لا يدانيه فيه أحد من العالمين لأنه قدوة للعالمين صلى عليه الله ما غردت ورقاء خطباء بأعلى فنن ..

كان صلى الله عليه وسلم جم التواضع والدنيا بسؤدده تكاد تهتز من أطرافها صلفا

يدخل عام الفتح وتحت قيادته عشرة آلاف مقاتل وهو الذي خرج مستخفيا قبل ثماني سنين ليس معه سوى أبو بكر صاحبه .. إنه دخول يستهوي النفوس البشرية أن تبلغ ذروة الذرى بالكبرياء والجبروت والتعالي ولكنه صاحب الخلق العظيم يدخلها دخول خاشع متواضع قد طأطأ رأسه وانحنى على رحله عجمونه يكاد يمس واصبة رحله انخفاضا وانكسارا وتواضعا لربه مستشعرا منة الله عليه بالفتح والظفر والنصر والمغفرة لم يردف وراءه رجل من بني هاشم ولا شريفا من أشراف قريش وإنما يردف مولى بن موالي أعني أسامة بن زيد وابن أم ايمن رضي الله عنهم أجمعين ليعلن للملأ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ولعله كان يستحضر تلك المعاناة العظمى يوم أخرج مطاردا مستخفيا تعلن الجوائز العظمى لمن يأتي به حيا أو ميتا ثم يرى حاله وقد أيده الله فيزداد انحناء وتواضعا ليقضي الله له أن يكون الأعلى ومن اتبعه وما تواضع أحد لله إلا رفعه .. أبى الله إلا رفعه وعلوه وليس لما يعليه ذو العرش واضع صلى عليه بارئ العباد ما أمطرت سحب وسال وادي

كان صلى الله عليه وسلم أعظم الناس تواضعا لا يستطاع لنزر من تواضعه حصر فسيان تقصير وتطويل

لم يشهد العالم رجلا أكثر تواضعا ورحمة بالأطفال منه صلى الله عليه وسلم .. وضع صبيا في حجره وهو يحنكه فبال عليه فدعا بماء فنضحه وكأن شيئا لم يكن .. لا يأنف منهم .. لا يترفع عليهم .. يباسطهم .. يقبل عليهم .. يعطف على يتيمهم .. يمسح على رؤوسهم .. يعلمهم ما ينفعهم .. يوجههم حسب سنهم ... يضعهم على فخده لمحبته لهم .. هو للطفل أب في مهده .. عجبا من قلبه الفذ الكبير ..

يقول أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر على الصبيان فيسلم عليهم وهم يلعبون .. يدرب الصبية على آداب الشريعة ويعلم الكبار التواضع ولين الجانب والرحمة .. أنس من أولئك الصبية قد تعمقت فيه تلك التربية وكان يوم كبر يمر على الصبية فيسلم عليهم ويقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله .. خلق ورثنيه أحمد فجرى ملئ دمائي وشغافي لم يغيره على طول المدى بطش جبار ولا كيد ضعاب

ولتواضعه ورحمته بالأطفال يحملهم ويزكيهم بما فيهم فعند أبي يعلب بسند حسن عن عمر رضي الله عنه قال: رأيت الحسن والحسين على عاتقي النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: نعم الفرس تحتكما فقال صلى الله عليه وسلم: ونعم الفارسان هما

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير