تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لهم في سويداي منزلة تزول الجبال وليست تزول .. يداعب الحسن فيخرج لسانه له فيرى الصبية حمرة لسانه فيعجبه ذلك ويسرع إليه ويلقي بنفسه عليه .. ويخرج إلى سوق بني قينقاع يوما فطاف فيها ثم رجع فاحتبى في المسجد فقال: أين لكاع؟ فجاء الحسن فاشتد حتى وثب في حبوته فأدخل النبي صلى الله عليه وسلم فمه في فمه ثم قال: (اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه) وأبو هريرة يرقب الموقف ويقول والله ما رأيت الحسن بعدها إلا فاضت عيناي

فؤادي إذا ما المصطفى مر ذكره يرف رفيف الأقحوان منورا تذكرته فانفض صبري وقوتي ولا بد للمشتاق أن يتذكرا ..

خرج صلى الله عليه وسلم مرة يحمل الحسن والحسين هذا على عاتق وهذا على الآخر يلثم هذا مرة وهذا مرة حتى انتهى إلى أصحابه فقال رجل: كأنك تحبهما فقال: (من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني) .. لقد سكنوا القلب حتى غدا مثاب ولم يبغى حولا

أسامة رضي الله عنه صغير شديد السمرة يخرج من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعثر على عتبة الباب ويشج وجهه ويتناثر الدم ويسيل اللعاب وفي رحمة وتواضع جم من رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الدم واللعاب ويلاطف أسامة وعائشة ويقول فيما روي: (لقد أحسن الله بنا يا عائشة إذ لم يكن أسامة جارية، لو كان أسامة جارية لكسوته وحليته حتى أنفقه) تلكم شمائله غر محجلة كأنها في اشتهار بلق أفراس ..

كان يخطب يوما فدخل الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فقطع خطبته صلى الله عليه وسلم ونزل إليهما واحتضنهما وصعد بهما المنبر فوضعهما ثم قال: (صدق الله إنما أموالكم وأولادكم فتنة .. رأيت ابني هذين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما)

ويخرج صلى الله عليه وسلم في مشهد يضج بالمشاعر الأبوية الغامرة يحمل أمامة ابنة ابنته زينب على عاتقه ثم قان يصلي فكان إذا سجد وضعها وإذا قام حملها .. يا لله ما أروعه من مشهد في بيئة كانت تبغض الإناث إلى عهد قريب من ذلك الحدث {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى? ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى? مِنَ الْقَوْمِ ... (59)} (النحل) ولذا قال بعض الحكماء: إن ذلك التواضع والرحمة لهذه الطفلة الصغيرة بر تتسع دائرته لتشمل أمها أينما كانت والتي تعيش فرحة عظمى لما كانت ابنتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيا لله لو سئلت أين ابنتها فأجابت حملها رسول الله وخرج بها إلى الصلاة ولعله يقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمله أمامة كان يؤدي عبادتين معا صلاته لربه وإحسانه لبنته وبنت بنته فذاك تواضع لا كالتواضع تزول الشامخات ولا يزول والشيء بالشيء يذكر .. صلى الإمام الشوكاني بالناس فلما سجد سقطت عمامته فأخذها وردها فأنكر عليه عوام ودهماء الناس وقالوا: تحمل العمامة وتردها وأنت في الصلاة؟ .. حسبوا انتقاد الليث أمرا هينا ومن العويس تقلد الآساد .. فقال قول البصير العلامة: لحمل العمامة أخف من حمل أمامة .. إن توقي العالم بعدم التسرع في الإنكار عليه أدب شرعي إذ الظن في العالم أن لا يعمل إلا بدليل شرعي وليس منا من لم يعرف لعالمنا حقا فهم النجوم المهتدى بضيائها إن عمت البلوى وأزعجت الفتن

ومن مواقف رحمته بالصغار وتواضعه لهم ما ثبت في البخاري من حديث أم خالد بنت خالد ابن سعيد ابن العاص قالت: (أتي النبي صلى الله عليه وسلم بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة فقسم الثياب في أصحابه ثم قال في الخميصة من ترون أن نكسو هذه؟) فسكتوا ولم يرشحوا لها أحدا فلم يختر لهذه الخميصة واحدة من بنات بناته أو قريباته لكنه اختارها لابنة صحابي هاجر الهجرتين ليكرم معاها أباها وأمها وأسرتها الذين هجروا الأهل والديار إلى أرض الحبشة البعيدة فارين بدينهم من ظلم المشركين وأذاهم .. ثم زادهم في التكريم أن دعا الطفلة ليلبسها الخميصة بيده الشريفة فقال: (اتوني بأم خالد بنت خالد ابن سعيد، فجيء بها تحمل صحبة والدها وعليها قميص حتى وضعت بين يديه فألبسها الخميصة بيده وقام ينظر إليها يداعبها ويمدح منظرها ويمسح على أعلام الخميصة قائلا بلغة الحبشة: (هذا سنا هذا سنا يا أم خالد) يعني هي خميصة حسنة جميلة يا أم خالد وبعد أن ألبسها واحتفى بها وأخذ يحادث أصحابه دارت من خلف رسول الله وجعلت تلعب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير