تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بخاتم النبوة بين كتفيه فزجرها أبوها فطلب منه صلى الله عليه وسلم أن يدعها تمضي فيما هي فيه ودعا لها مع ذلك بطول البقاء فقال صلى الله عليه وسلم: (دعها، أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي ثم أبلي وأخلقي) فطال عمرها وتزوجت ورزقت ولدا سمته خالدا وكانت من أواخر الصحابيات وفاة ببركة دعاء رسول الله لها .. تلكم معشر الأخوة صور من عناية رسول الله بالصغار ذكورا وإناثا فعلا وقولا ودعاءا فما وطئ الحصى مثل المقفى ولا لبس النعال ولا احتذاها قد اطمأن الأطفال إلى معشره وأمنوا تأنيبه فضلا عن عقوبته فكان يضطجع فيأتي الحسن والحسين يلعبون على بطنه بل اتخذوا من ظهره الكريم راحلة يمتطونها على عادة الأطفال في اللعب والمزاح وربما كان ذلك في الصلاة والمسلمون خلفه .. أخرج النسائي والحاكم وصححه ووافقه الذهبي من حديث شداد رضي الله عنه قال: (خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشي وهو حامل حسن أو حسينا فتقدم ووضعه عند قدمه اليمنى ثم كبر للصلاة فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها حتى ظننا أن قد حدث شيء قال شداد فرفعت رأسي من بين الناس فإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد فرجعت إلى سجودي ولما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال الناس يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك هذه سجدة أطلتها حتى ظننا أن قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك فقال صلى الله عليه وسلم: كل ذلك لم يكن ولكن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته) والله وبالله وتالله لئن عجزت الأقلام وكلت القرائح عن تصوير أعلى درجات التواضع للأطفال والرحمة بهم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جسده بما لا تحمله الألفاظ مهما أوتيت من فصاحة وبيان فلو نطق الخليل لقال هذي معالم ما رأتها قط عيني .. هذا هو رسول الله .. تواضع في غير تصنع ورياء حاله مع المستضعفين يوم كان يدعو وحيدا والسفهاء يسومونه الأذى هو حاله بعد نصره ودخول الناس في دين الله أفواجا ولو تتبعنا كل ما يدل على تواضعه لطال بنا المقام فكل سلوك له كان مظهرا من مظاهر تواضعه قد أظهر الله في الدنيا خلائقه للإنس والجان بالمعنى والكلم فاشرب فهذا زلال بارد صافي وارغب إلى ربك الأعلى ليجعلنا ممن على النهج نهج المصطفى درجة نهج الذي أنزل الله الكتاب هدى عليه ولم يجعل له عوجا فصلي يا رب على خير الورى ما هتفت قمرية على الذرى والآل والأزواج والأصحاب والتابعين من أولي الألباب ..

معشر الأخوة بهذا الخلق سجل أتباع محمد صلى الله عليه وسلم صفحات مضيئات تشيع نشاطا في قوى الشيخ والفتى ويغذى عليها الطفل منا ويرضع .. هذا هو الصديق رضي الله عنه في جلالته كان حين يأتيه جواري الحي بأغنامهن فيحلبها لهن وهو خليفة المسلمين ويودع جيشه ماشيا وهو يقول: ما علي أن أغبر قدمي في سبيل رب العالمين .. وهو من رفع في وجوه المادحين: اللهم اجعلني خير مما يظنون ..

ويخرج أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه فيمر بمكان كان يرعى فيه الغنم في الجاهلية فيقول: لا إله إلا الله كنت أرعى الغنم بهذا الوادي وأتعب وإذا قصرت أضرب وقد أمسيت ليس بيني وبين الله من أحد .. ويردد: يا ابن الخطاب كنت وضيعا فرفعك الله وضالا فهداك الله وذليلا فأعزك الله ثم حملك على رقاب الناس فماذا تقول لربك غدا إذا أتيته؟ .. ثم يندفع في البكاء ويقول لابنه وهو يودع الدنيا شهيدا: ضع خدي على الأرض لا أم لك! ويلي إن لم يرحمني ربي ..

وعثمان رضي الله عنه يخطب يوم الجمعة وعليه ثوب بأربعة دراهم وهو أمير المؤمنين وينام في المسجد فيقوم وأثر الحصى في جنبه وهو تاجر المسلمين ويخدم نفسه بالليل ولا يوقظ الخدم ويقول: الليل لهم فيه يستريحون ..

ويشتري علي رضي الله عنه الطعام ويحمله بنفس لا تعرف الكبر ولا تأنف من حمل المتاع ويقول: أبو العيال أحق أن يحمل .. وهو من أحبه رب العالمين ..

وابن عوف رضي الله عنه من تواضعه في زيه لا يعرف من بين عبيده وهو من العشرة المبشرين ..

وسلمان يلبس جبة خشنة ويقول لمن لامه: إنما أنا عبد ألبس كما يلبس العبد فإذا عتقت لبست ثيابا لا تبلى حواشيها في جنات وعيون

ولما عزل سيف الله خالد قال: والله لو ولى علي أمير المؤمنين امرأة أو مملوكا لسمعت له وأطعت ما دام يقودني بكتاب رب العالمين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير