وعمار يشتري علفا ويحمله على ظهره وهو أمير الكوفة يحدوه صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة
وعمر بن عبد العزيز ينتظر ثيابه حتى تجف وهو أمير المؤمنين ولما قيل له ندفنك إذا مت مع رسول الله وصاحبيه قال: والله لأن ألقى الله بكل ذنب سوى الشرك أحب إلي من أرى نفسي أهلا لتلك المنزلة والعاقبة للمتقين
وأحمد عليه رحمة رب العالمين كثيرا ما يقول نحن قوم مساكين ولما قيل له ما أكثر الداعين لك .. غارت عيناه وقال: أخاف أن يكون هذا استدراجا من رب العالمين
ويأخذ الفضيل بيد سفيان بن عيينة ويقول: إن كنت تظن أنه بقي على وجه الأرض شر مني ومنك فبئس ما تظن
وإبراهيم النخاعي كان يهاب هيبة الأمير ويقول مع ذا تواضعا: إن زمانا صرت فيه فقيه الكوفة لزمان سوء
وكان ابن القيم رحمه الله يقول عن نفسه: بني أبي بكر كثير ذنوبه فليس على من نال من عرضه إثم .. بني أبي بكر جهول بنفسه جهول بأمر الله أنى له العلم .. بني أبا بكر غدا متصدرا يعلم علما وهو ليس له علم
ويأتي ابن المبارك على سقاية والناس يشربون فدنا ليشرب ولم يعرفه الناس فدفعوه فلما خرج قال: ما العيش إلا هكذا حيث لم نعرف ولم نوقر
ونقل عن الشيخ محمد ابن إبراهيم رحمة الله عليه أنه ما قال عن نفسه يوما الشيخ أو المفتي إلا أنه كلم عاملا في فندق يوما للحجز لأحد الضيوف فقال العامل من؟ قال: محمد ابن إبراهيم، فما عرفه فقال: آل الشيخ، فما عرفه فقال: المفتي .. فعرفه ثم قال رحمه الله: هداه الله ألزمنا أن نقول هذه الكلمة .. ويا لله ما أجملها من كلمة
وتأخر السائق يوما على الشيخ ابن باز لتعطل سيارته الخاصة فطلب من أحد العاملين عنده أن يأتي بسيارة فاعتذر العامل بأن سيارته لا تليق بمقام الشيخ فداعبه الشيخ قائلا: سيارتك ما تمشي؟ .. فذا تواضع يشفي .. ونقل إليه اقتراح مفاده أن جلوسك يا شيخ على الطعام يشارك فيه عرب وعجم وفقراء ومن دهماء الناس فلو جعلت مجلس طعام خاصا بك وجعلت لهم مجلسا آخر .. فتغير وجه الشيخ وقال: مسكين صاحب هذا الاقتراح لم يتلذذ بالجلوس مع المساكين والأكل مع الفقراء سأستمر على هذا وليس عندي خصوصية .. من استطاع أن يجلس معي أنا وهؤلاء الفقراء فليجلس والذي تأبى نفسه ولا يعجبه فليس مجبرا ..
والشيخ ابن عثيمين عليه رحمة رب العالمين في طريقه لمسجده يقف لأحد الطلبة وقد نزل طفلاه الصغيران يسلمان على الشيخ فأخذ بيد أحد الطفلين وأخرج القلم ورسم في يده ساعة والطفل في غاية السرور ثمن أخذ يد الطفل الآخر ورسم له مثلها والناس في المسجد ينتظرون .. فلا يسأمون اصطناع الجميل ولا يعتريهم عليه الندم
والشيخ الألباني رحمه الله لما حدث أنه رؤي في المنام يمشي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أجهش وقال اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واجعلني خيرا مما يظنون
ولما رأى بعض أهل الأهواء رؤيا لأحد علماء شمال إفريقيا أنه كعثمان بن عفان رضي الله عنه أخبره طمعا في أن ينضم لحزبه فقال العالم إنني لم أبلغ منزلة الغبار الذي ثار في أنف فرس عثمان في إحدى غزواته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا جواب لكم عندي
تواضعوا ولغير الله ما سجدوا ولا استكانوا ولا مدوا يدا ليد .. سيروا كما ساروا لتجنوا ما جنوا واقفوا خطى الأخيار حيث تيمموا
أيها الجيل لحن اللسان معيب واللحن بالقلب ذنب .. من أقبح اللحن عندي كبر وتيه وعجب .. التواضع التواضع .. تواضعا في تقبل وحي الله لا على انه آصار وأغلال بل تقبل الفرح الجذلان المستسلم المنقاد المحب المعظم لله رب العالمين الموقن في أن الفلاح في ذلك يقينا أعظم من يقينه في أن الماء والهواء من لوازم الحياة وحال كحال مصعب بن الزبير أمير العراقين لما هم برجل من الأنصار ليؤدبه وقد بلغه عنه شيء فدخل عليه أنس رضي الله عنه وقال: إني سمعت رسول الله يقول: (استوصوا بالأنصار خيرا فقد أدوا الذي عليهم وبقي الذي لهم، من ولي أمرا يضر فيه أحدا أو ينفعه فليقبل من محسنيهم وليتجاوز عن مسيئهم) فألقى مصعب بنفسه عن سريره وألصق خده بالبساط وهو يقول: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرأس والعين فلو قال لي مت متُ سمعا وطاعة وقلت لداعي الموت أهلا ومرحبا
¥