تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أيها الجيل إن المراتب بالتواضع والعلى ليست بمخرقة ولا سفاه .. التواضع التواضع .. تواضعا في قبول الحق ممن جاء به صغيرا أو كبيرا وليا أو عدوا حبيبا أو بغيضا فالحق أحق أن يتبع ولزوم الحق ينزلك منازل أهل الحق يوم لا يقضى إلا بالحق ومراجعة الحق خير من التمادي في غير الحق ..

في السير للذهبي أن عبد الواحد ابن زياد قال: لقيت زفرة بن الهذيل فقلت صرتم حديثا في الناس وضحكة .. قال وما ذاك؟ قلت: تقولون ادرؤوا الحدود بالشبهات ثم جئتم إلى أعظم الحدود فقلتم تقام للشبهة .. قال وما هو؟ قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يقتل مسلم بكافر) فقلتم يقتل به يعني بالذمي قال فإني أشهدك الساعة أني قد رجعت عنه) قال الذهبي رحمه الله هكذا يكون العالم وقافا مع النصوص

ويقول أبو يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة: قدمت المدينة فسألت عن الصاع فقالوا صاعنا صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما حجتكم؟ كل قول لم يؤيد بدليل فادعاء وافتراء وهراء قالوا غدا نأتيك به .. ولما أصبحت أتاني خمسين شيخا من أبناء المهاجرين والأنصار مع كل رجل منهم صاع تحت ردائه كل منهم يخبر عن أبيه وأهل بيته أن هذا صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت أمرا قويا فتركت قول أبي حنيفة في الصاع وأخذت بقول أهل المدينة .. فزاده الحق رفعة

فيا أيها الجيل من جاء بحق فاقبله ولو كان بعيدا بغيضا ومن جاء بباطل فاردده وان كان قريبا حبيبا ومن جاء بحق وباطل فرد الباطل واقبل الحق

أيها الجيل أرفع الناس قدرا من لا يرى قدره فاعرف قدر نفسك ولا تعها في غير موضعها وإذا خرجت من بيتك فلا يقعن بصرك على مسلم إلا رأيته أنه قد يكون خيرا منك لا تجعل من نفسك ندا لجهابذة العلماء وتقول هم رجال ونحن رجال وقل هم نسور في السحاب ونحن نحبو على التراب

تواضع لأقرانك ولا تستعلي عليهم ولا تفرح بالنيل منهم والحط من قدرهم وعيبهم بما ليس فيهم وإظهار ذلك في مظهر النصيحة والتقويم لهم ولا تتجاهل نفعهم فإن لم ترض منهم بعض القول فقل حسبهم أنهم يدعون إلى الله ويعلمون الناس الخير

لا تشمخ على مبتلى بمعصية واحمد الله ان نجاك مما ابتلاه فربما يصحب عملك عجب يحبطه ويصحبه انكسار وندم وخوف من ذنبه يغفر الله له بسببه

أيها الجيل الحكمة أبت إلا أن تسكن قلبا متواضعا وأن تهجر قلبا ملئ كبرا فالزرع ينبت في السهل ولا ينبت على الصفا .. من علا بعلمه وخلقه وتواضعه لن يهبط ومن علا على قوائم الكرسي وأعناق الرجال فأحري به أن يسقط وبقدر الصعود يكون السقوط

أيها الجيل مقادير العباد لا يعلمها حقا إلا بارئ العباد قد يكون العبد عزيزا في أعين الناس وهو عند الله بأخبث المنازل وقد يكون حقيرا في أعين الناس وهو عند الله بأعلى المنازل

انتسب رجلان على عهد موسى كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما انا فلان ابن فلان وعد تسعة فمن أنت لا أم لك؟ فقال الآخر أنا فلان ابن فلان ابن الإسلام فأوحى الله لموسى أن قل لهذين المنتسبين أما أنت أيها المنتسب إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم أما أنت أيها المنتسب إلى اثنين في الجنة فأنت ثالثهم

ليست العبرة بالنسب ولا الحسب .. الميزان والمعيار: إن أكرمكم عند الله أتقاكم لا خيار بيننا عرب ولا عجم

أيها الجيل المتوارد على العلم توارد القطا على منهل كم جاهل متواضع ستر التواضع جهله ومميز في علمه هدم التكبر علمه فدع التكبر ما حييت ولا تصاحب أهله

يا طالب العلم تواضع وتعلم " لا أدري " واحذر التعالم فإنه عتبة الدخول على القول على الله بلا علم ووسيلة إلى منصب مفتي الخنفشار حيث لا أدب ولا وقار كما قال بكر المروار ذلك المفتي هو رجل كان يفتي كل سائل دون توقف ففطن أقرانه لذلك فأجمعوا أمرهم على امتحانه ليكشفوا زيفه فنحتوا كلمة ليس لها أصل وهي الخنفشار وسألوه عنها فعلى البديهة جاء بها شوهاء لا تبارى شنعاء تجزي العار والعوارا قال سماجة المفتي: إنه نبت طيب الرائحة ينبت بأطراف اليمن إذا أكلته الإبل عقد لبنها قال شاعرهم لقد عقدت محبتكم فؤادي كما عقد الحليب الخنفشار وقال الأنطاكي فيه كذا وقال فلان وقال فلان وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فاستوقفوه وقالوا كذبت على هؤلاء فلا تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحقق لديهم أن ذلك المسكين جراب كذب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير