وكان السلف لا يختلفون في أصل المشروعية وانما كان خلافهم في أولى الأمرين ونظيره اختلاف القراء في وجوه القراءات وقد عللوا كثيرا من هذا الباب بأن الصحابة مختلفون وأنهم جميعا على الهدى ولذلك لم يزل العلماء يجوزون فتاوى المفتين في المسائل الاجتهادية ويسلمون قضاء القضاة ويعملون في بعض الأحيان بخلاف مذهبهم ولا ترى أئمة المذاهب في هذه المواضع إلا وهم يصححون القول ويبينون الخلاف يقول أحدهم هذا أحوط وهذا هو المختار وهذا أحب إلي ويقول ما بلغنا الا ذلك وهذا كثير في المبسوط وآثار محمد رحمه الله وكلام الشافعي رحمه الله ثم خلف من بعدهم خلف اختصروا كلام القوم فتأولوا ص:108 الخلاف وثبتوا على مختار أئمتهم والذي يروى عن السلف من تأكيد الأخذ بمذهب أصحابهم وألا يخرج عنها بحال فان ذلك إما لأمر جبلي فان كل إنسان يحب ما هو مختار أصحابه وقومه حتى في الزي والمطاعم أو لصولة ناشئة من ملاحظة الدليل أو لنحو ذلك من الأسباب فظنه البعض تعصبا دينيا حاشاهم من ذلك
وقد كان في الصحابة والتابعين ومن بعدهم من يقرأ البسملة ومنهم من لا يقرؤها ومنهم من يجهر بها ومنهم من لا يجهر بها وكان منهم من يقنت في الفجر ومنهم من لا يقنت في الفجر ومنهم من يتوضأ من الحجامة والرعاف والقيء ومنهم من لا يتوضأ من ذلك ومنهم من يتوضأ من مس الذكر ومس النساء بشهوة ومنهم من لا يتوضأ من ذلك ومنهم من يتوضأ مما مسته النار ومنهم من لا يتوضأ من ذلك ومنهم من يتوضأ من أكل لحم الابل ومنهم من لا يتوضأ من ذلك
مع هذا فكان فعضهم يصلي خلف بعض مثل ما كان أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وغيرهم رضي الله عنهم يصلون خلف أئمة المدينة من المالكية وغيرهم وان كانوا لا يقرؤون البسملة لا سرا ولا جهرا وصلى الرشيد إماما وقد احتجم فصلى الإمام أبو يوسف خلفه ولم يعد وكان أفتاه الامام مالك بأنه لا وضوء عليه
وكان الإمام أحمد بن حنبل يرى الوضوء من الرعاف ص:109 والحجامة فقيل له فان كان الامام قد خرج منه الدم ولم يتوضأ هل تصلي خلفه فقال كيف لا أصلي خلف الامام مالك وسعيد بن المسيب
وروي أن أبا يوسف ومحمد كانا يكبران في العيدين تكبير ابن عباس لأن هارون الرشيد كان يحب تكبير جده
وصلى الشافعي رحمه الله الصبح قريبا من مقبرة أبي حنيفة رحمه الله فلم يقنت تأدبا معه وقال أيضا ربما انحدرنا الى مذهب أهل العراق
وقال مالك رحمه الله للمنصور وهارون الرشيد ما ذكرنا عنه سابقا
وفي البزازية عن الامام الثاني وهو أبو يوسف رحمه الله أنه صلى يوم الجمعة مغتسلا من الحمام وصلى بالناس وتفرقوا ثم أخبر بوجود فأرة ميتة في بئر الحمام فقال إذا تأخذ بقول إخواننا من أهل المدينة اذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا انتهى
وسئل الامام الخجندي رحمه الله عن رجل شافعي المذهب ترك صلاة سنة أو سنتين ثم انتقل الى مذهب أبي حنيفة رحمه الله كيف يجب عليه القضاء أيقضيها على مذهب الشافعي أو على مذهب أبي حنيفة فقال على أي المذهبين قضى بعد أن يعتقد جوازها جاز
ص:110
وفي جامع الفتاوى أنه إن قال حنفي إن تزوجت فلانة فهي طالق ثلاثا ثم استفتى شافعيا فأجاب إنها لا تطلق ويمينه باطل فلا بأس باقتدائه بالشافعي في هذه المسألة لأن كثيرا من الصحابة في جانبه
قال محمد رحمه الله في أماليه لو أن فقيها قال لامرأته أنت طالق البتة وهو ممن يراها ثلاثا ثم قضى عليه قاض بأنها رجعية وسعه المقام معها وكذا كل فصل مما يختلف فيه الفقهاء من تحريم أو تحليل أو إعتاق أو أخذ مال أو غيره ينبغي للفقيه المقضي عليه الأخذ بقضاء القاضي ويدع رأيه ويلزم نفسه ما ألزم القاضي ويأخذ ما أعطاه
قال محمد رحمه الله وكذلك رجل لا علم له ابتلى ببلية فسأل عنها الفقهاء فأفتوه فيها بحلال أو بحرام وقضى عليه قاضي المسلمين بخلاف ذلك وهي مما يختلف فيه الفقهاء فينبغي له أن يأخذ بقضاء القاضي ويدع ما أفتاه الفقهاء انتهى
وقد أطنبنا الكلام في هذا المقام غاية الإطناب والله وحده أعلم بالصواب
وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون ص:111
**************
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[02 - 08 - 04, 05:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد:
أيها الإخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقد قرأت هذا الملف كله فوجدت فيه ما يلي:
الأول -كثرة الأخطاء المطبعية والعلمية والركيكة مما يبعد أن يكون العلامة ابن رجب الحنبلي رحمه الله قد قاله
الثاني - لم يعز هذا الكلام لمصدر محدد لنرجع إليه ونتأكد منه
الثالث- فيه خلط عجيب بين الحق والباطل لا يتفوه به طالب علم منصف
الرابع – هذا الكلام هو الذي يقوله بالتمام والكمال متعصبو المذاهب يشبه إلى حد كبير كلام الكوثري في مقاله ((اللامذهبية قنطرة اللادينية)) وكلام من سار على منواله حيث يلزمنا بمذهب ويبين أن الإمام أحمد رحمه الله قد اطلع على كل المذاهب وأحاط بها علما فلا يجوز مخالفته بحال وكأن المقال مقصود به ((السلفيون بالذات)) لأنهم في الأصل من أتباع الإمام أحمد رحمه الله يعني يحرم عليهم الاجتهاد والاتباع لغيره من الأئمة
الخامس – لم يحرر القول في هذه المسألة الجلل، وهذا يدل على عدم درايته بها ولا يمكن أن يكون العلامة ابن رجب رحمه الله بهذه المثابة، بل يتستر كاتب المقال بابن رجب رحمه الله لتنفق بضاعته على الدهماء من الناس
وقد كتبت فصولا مطولة في هذا الموضوع للرد على البوطي وغيره ولا سميا في كتابي ((تقليد غير الأئمة الأربعة))
وهذا رابطه:
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الكتاب ثابت لابن رجب رحمه الله
ولا أظنك قرأت ما في الرابط المحال إليه
فاترك الاستعجال أبا حمزة الشامي هداك الله