تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الآخر اجتهد فأخطأ فيكون للأول أجران وللثاني أجر مع أن خطأه مغفور مغفور له وقد يكون كلاهما اجتهد فأخطأ فيغفر لهما جميعا مع وجود الأجر # ويكون الصواب في قولنا ثالثا أما تفصيل ما أطلقوه

مثل أن ينفى هذا نفيا عاما ويثبت الآخر ما نفاه الأول فيفصل المفصل ويثبت البعض دون البعض وكذلك في المعنى المشتبه واللفظ المشترك يفصل بين المعنى وما يشبهه إذا كان مخالفا له وبين معنى لفظ ومعنى لفظ # ثم إنه من مسائل الخلاف ما يتضمن أن اعتقاد أحدهما يوجب عليه بغض الآخر ولعنه أو تفسيقه أو تكفيره أو قتاله فإذا فعل ذلك مجتهدا مخطئا كان خطؤه مغفورا له وكان ذلك في حق الآخر محنة في حقه وفتنة وبلاء ابتلاه به # وهذه حال البغاة المتأولين مع أهل العدل سواء كان ذلك بين أهل اليد والقتال من الأمراء ونحوهم أو بين أهل اللسان والعمل من العلماء والعباد ونحوهم وبين من يجمع الأمرين # ولكن الاجتهاد السائغ لا يبلغ مبلغ الفتنة والفرقة إلا مع البغى لا لمجرد الاجتهاد # كما قال تعالى وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم [سورة آل عمران 19] وقال إن الذبن فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ [سورة الأنعام 159] وقال ولاتكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات [سورة آل عمران 105] # فلا يكون فتنة وفرقة مع وجود الاجتهاد السائغ بل مع نوع بغى

ولهذا نهى النبي ص عن القتال في الفتنة وكان ذلك من أصول السنة وهذا مذهب أهل السنة والحديث وأئمة اهل المدينة من فقهائهم وغيرهم # ومن الفقهاء من ذهب إلى أن ذلك يكون مع وجود العلم التام من أحدهما والبغى من الآخر فيجب القتال مع العادل حينئذ وعلى هذا الفتنة الكبرى بين أهل الشام والعراق هل كان الأصوب حال القاعدين أو حال المقاتلين من أهل العراق والنصوص دلت على الأول وقالوا كان ترك قتال أهل العراق أصوب وإن كانوا أقرب إلى الحق وأولى به من الشام إذ ذاك كما بسطنا الكلام في هذا في غير هذا الموضع وتكلمنا على الآيات والاحاديث في ذلك # ومن أصول هذا الموضع أن مجرد وجود البغى من إمام أو طائفة لا يوجب قتالهم بل لا يبيحه بل من الأصول التي دلت عليها النصوص أن الإمام الجائر الظالم يؤمر الناس بالصبر على جوره وظلمه وبغيه ولا يقاتلونه كما أمر النبي ص بذلك في غير حديث فلم يأذن في دفع البغي مطلقا بالقتال بل إذا كانت فيه فتنة نهى عن دفع البغي به وأمر بالصبر # وأما قوله سبحانه فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى [سورة الحجرات 9] فهو سبحانه قد بين مراده ولكن من

الناس من يضع الآية على غير موضعها فإنه سبحانه قال وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين [سورة الحجرات 9] فهو لم يأذن ابتداء في قتال بين المؤمنين بل إذا اقتتلوا فأصلحوا بينهما والاقتتال هو فتنة وقد تكون إحداهما أقرب إلى الحق فأمر سبحانه في ذلك بالإصلاح # وكذلك فعل النبي ص لما اقتتل بنو عمرو بن عوف فخرج ليصلح بينهم وقال لبلال إن حضرت الصلاة فقدم ابا بكر # ثم قال سبحانه فقاتلوا التي تبغى حتى تفئ إلى أمر الله [سورة الحجرات 9] فهو بعد اقتتالهم إذا أصلح بينهم بالقسط فلم تقبل إحداهما القسط بل بغت فإنها تقاتل لأن قتالها هنا يدفع به القتال الذي هو أعظم منه فإنها اذا لم تقاتل حتى تفئ إلى أمر الله بل تركت حتى تقتتل هي والأخرى كان الفساد في ذلك أعظم # والشريعة مبناها على دفع الفسادين بالتزام أدناهما وفي مثل هذا يقاتلون حتى لا يكون فتنة ويكون الدين كله لله لأنه إذا أمروا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير