تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بالصلاح والكف عن الفتنة فبغت إحداهما قوتلت حتى لا تكون فتنة والمأمور بالقتال هو غير المبغى عليه أمر بأن يقاتل الباغية حتى ترجع إلى الدين فقاتلها من باب الجهاد وإعانة المظلوم المبغى عليه # أما إذا وقع بغى ابتداء بغير قتال مثل أخذ مال أو مثل رئاسة بظلم فلم يأذن الله في اقتتال طائفتين من المؤمنين على مجرد ذلك لأن الفساد في الاقتتال في مجرد رئاسة أو أخذ مال فيه نوع ظلم # فلهذا نهى النبي ص عن قتال الأئمة إذا كان فيهم ظلم لأن قتالهم فيه فساد أعظم من فساد ظلمهم # وعلى هذا فما ورد في صحيح البخارى من حديث أم سلمة أن النبي ص قال ذلك ليس هو مخالفا لما تواتر عنه من أنه أمر بالإمساك عن القتال في الفتنة وأنه جعل القاعد فيها خيرا من القائم والقائم خيرا من الماشى والماشى خيرا من الساعى # وقال يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن وأمر فيها بأن يلحق الإنسان

بإبله وبقره وغنمه لأن وصفه تلك الطائفة بالبغى هو كما وصف به من وصف من الولاة بالأثرة والظلم # كقوله ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض # وقوله ص ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها قالوا فما تأمرنا يا رسول الله قال أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم وأمثال ذلك من الأحايث الصحاح # فأمر مع ذكره لظلمهم بالصبر وإعطاء حقوقهم وطلب المظلوم حقه من الله ولم يأذن للمظلوم المبغى عليه بقتال الباغي في مثل هذه الصور التي يكون القتال فيها فتنة كما أذن في دفع الصائل بالقتال حيث

قال من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد فإن قتال اللصوص ليس قتال فتنة إذ الناس كلهم أعوان على ذلك فليس فيه ضرر عام على غير الظالم بخلاف قتال ولاة الأمور فإن فيه فتنة وشرا عاما أعظم من ظلمهم فالمشروع فيه الصبر # وإذا وصف النبي ص طائفة بأنها باغية سواء كان ذلك بتأويل أو بغير تأويل لم يكن مجرد ذلك موجبا لقتالها ولا مبيحا لذلك إذ كان قتال فتنة # فتدبر هذا فإنه موضع عظيم يظهر فيه الجمع بين النصوص ولأنه الموضع الذي اختلف فيه اجتهاد علماء المؤمنين قديما وحديثا حيث رأى قوم قتال هؤلاء مع من هو أولى بالحق منهم ورأى آخرون ترك القتال إذا كان القتال فيه من الشر أعظم من ترك القتال كما كان

الواقع فإن أولئك كانوا لا يبدأون البغاة بقتال حتى يجعلوهم صائلين عليهم وإنما يكون ذنبهم ترك واجب مثل الامتناع من طاعة معين والدخول في الجماعة فهذه الفرقة إذا كانت باغية وفي قتالهم من الشر كما وقع أعظم من مجرد الاقتصار على ذلك كان القتال فتنة وكان تركه هو المشروع وإن كان المقاتل أولى بالحق وهو مجتهد # وعامة ما تنازعت فيه فرقة المؤمنين من مسائل الأصول وغيرها في باب الصفات والقدر والإمامة وغير ذلك هو من هذا الباب فيه المجتهد المصيب وفيه المجتهد المخطئ ويكون المخطئ باغيا وفيه الباغي من غير اجتهاد وفيه المقصر فيما أمر به من الصبر # وكل ما أوجب فتنة وفرقة فليس من الدين سواء كان قولا او فعلا ولكن المصيب العادل عليه أن يصبر عن الفتنة ويصبر على جهل الجهول وظلمة إن كان غير متأول وأما إن كان ذاك أيضا متأولا فخطؤه مغفور له وهو فيما يصيب به من أذى بقوله أو فعله له أجر على اجتهاده وخطؤه مغفور له وذلك محنة وابتلاء في حق ذلك المظلوم

فإذا صبر على ذلك واتقى الله كانت العاقبة له كما قال تعالى وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا [سورة آل عمران 120] # وقال تعالى لتلبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور [سورة آل عمران 186] # فأمر سبحانه بالصبر على أذى المشركين وأهل الكتاب مع التقوى وذلك تنبيه على الصبر على أذى المؤمنين بعضهم لبعض متأولين كانوا أو غير متأولين # وقد قال سبحانه ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى [سورة المائدة 8] فنهى أن يحمل المؤمنين بغضهم للكفار على ألا يعدلوا عليهم فكيف إذا كان البغض لفاسق أو مبتدع متأول من أهل الإيمان فهو أولى أن يجب عليه ألا يحمله ذلك على ألا يعدل على مؤمن وإن كان ظالما له # فهذا موضع عظيم المنفعة في الدين والدنيا فإن الشيطان موكل ببني آدم وهو يعرض للجميع ولايسلم أحد من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير