تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مثل هذه الأمور دع ماسواها من نوع تقصير في مأمور أو فعل محظور باجتهاد أو غير اجتهاد وإن كان هو الحق # وقال سبحانه لنبيه فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشى والإبكار [سورة غافر 55] فأمره بالصبر وأخبره أن وعد الله حق وأمره أن يستغفر لذنبه

ولا تقع فتنة إلا من ترك ما أمر الله به فإنه سبحانه أمر بالحق وأمر بالصبر فالفتنة إما من ترك الحق وإما من ترك الصبر # فالمظلوم المحق الذي لا يقصر في علمه يؤمر بالصبر فإذا لم يصبر فقد ترك المأمور # وإن كان مجتهدا في معرفة الحق ولم يصبر فليس هذا بوجه الحق مطلقا لكن هذا وجه نوع حق فيما أصابه فينبغي أن يصبر عليه # وإن كان مقصرا في معرفة الحق فصارت ثلاثة ذنوب أنه لم يجتهد في معرفة الحق وأنه لم يصبه وأنه لم يصبر # وقد يكون مصيبا فيما عرفه من الحق فيما يتعلق بنفسه ولم يكن مصيبا في معرفة حكم الله في غيره وذلك بأن يكون قد علم الحق في أصل يختلف فيه بسماع وخبر أو بقياس ونظر أو بمعرفة وبصر ويظن مع ذلك أن ذلك الغير التارك للإقرار بذلك الحق عاص أو فاسق أو كافر ولا يكون الأمر كذلك لأن ذلك الغير يكون مجتهدا قد استفرغ وسعه ولا يقدر على معرفة الأول لعدم المقتضى ووجود المانع # وأمور القلوب لها أسباب كثيرة ولا يعرف كل احد حال غيره من ايذاء له بقول أو فعل قد يحسب المؤذى إذا كان مظلوما لا ريب

فيه أن ذلك المؤذى محض باغ عليه ويحسب أنه يدفع ظلمه بكل ممكن ويكون مخطئا في هذين الأصلين إذ قد يكون المؤذى متأولا مخطئا وإن كان ظالما لا تأويل له فلا يحل دفع ظلمه بما فيه فتنة بين الأمة وبما فيه شر أعظم من ظلمه بل يومر المظلوم ها هنا بالصبر فإن ذلك في حقه محنة وفتنة # وإنما يقع المظلوم في هذا لجزعه وضعف صبره أو لقلة علمه وضعف رأيه فإنه قد يحجب أن القتال ونحوه من الفتن يدفع الظلم عنه ولا يعلم أنه يضاعف الشر كما هو الواقع وقد يكون جزعه يمنعه من الصبر # والله سبحانه وصف الأئمة بالصبر واليقين فقال وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون [سورة السجدة 24] وقال وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر [سورة العصر 3] # وذلك أن المظلوم وإن كان مأذونا له في دفع الظلم عنه بقوله تعالى ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل [سورة الشورى 41] فذلك مشروط بشرطين # أحدهما القدرة على ذلك # والثاني ألا يعتدى # فإذا كان عاجزا أو كان الانتصار يفضى إلى عدوان زائد لم

يجز وهذا هو أصل النهى عن الفتنة فكان إذا كان المنتصر عاجزا وانتصاره فيه عدوان فهذا هذا # ومع ذلك فيجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحسب إظهار السنة والشريعة والنهي عن البدعة والضلالة بحسب الإمكان كما دل على وجوب ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة # وكثير من الناس قد يرى تعارض الشريعة في ذلك فيرى أن الأمر والنهي لا يقوم إلا بفتنة فإما أن يؤمر بهما جميعا أو ينهى عنهما جميعا وليس كذلك بل يؤمر وينهى ويصبر عن الفتنة كما قال تعالى وأمر بالمعروف وانه عنه المنكر واصبر على ما أصابك [سورة لقمان 17] # وقال عبادة بايعنا رسول الله ص على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكرهنا وأثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله وأن نقوم أو نقول بالحق حيث ما كنا لا نخاف في الله لومة لائم فأمرهم بالطاعة ونهاهم عن منازعة الأمر أهله وأمرهم بالقيام بالحق

# ولأجل ما يظن من تعارض هذين تعرض الحيرة في ذلك لطوائف من الناس والحائر الذي لا يدري لعدم ظهور الحق وتميز المفعول من المتروك ما يفعل إما لخفاء الحق عليه أو لخفاء ما يناسب هواه عليه # والبدعة مقرونة بالفرقة كما ان السنة مقرونة بالجماعة فيقال أهل السنة والجماعة كما يقال أهل البدعة والفرقة وقد بسطنا هذا كله في غير هذا الموضع # وإنما المقصود هنا التنبيه على وجه تلازمهما موالاة المفترقين وإن كان كلاهما فيه بدعة وفرقة أو كانوا مؤمنين فيوالون بإيمانهم ويترك ما ليس من الإيمان من بدعة وفرقة فإن البدعة ما لم يشرعه الله من الدين فكل من دان بشئ لم يشرعه الله فذاك بدعة وإن كان متأولا فيه # وهذا موجود من جميع أهل التأويل المفترقين من الأولين والآخرين فإنهم إذا رأوا ما فعلوا مأمورا به ولم يكن كذلك فليس ما فعلوه سنة بل هو بدعة متأولة مجتهد فيها من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير