تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الشرعية أورد هؤلاء كالقاضي أبي بكر والرازي والآمدي ومن وافقهم من فقهاء الطوائف كأبي الخطاب وغيره السؤال المشهور هنا وهو أن الفقه من باب الظنون لأنه مبنى على الحكم بخبر الواحد والقياس والعموم والظواهر وهي إنما تفيد الظن فكيف جعلتموه من العلم حيث قلتم العلم # وأجابوا عن ذلك بأن الفقيه قد علم أنه إذا حصل له هذا الظن وجب عليه العمل به كما قال الرازي # فإن قلت الفقه من باب الظنون فكيف جعلته علما # قلت المجتهد إذا غلب على ظنه مشاركة صورة لصورة في مناط الحكم قطع بوجوب العلم بما أدى إليه ظنه فالعلم حاصل قطعا والظن واقع في طريقه # وقد ظن طائفة من الفقهاء الناظرين في أصول الفقه أن هذا الجواب ضعيف لقوله العلم حاصل قطعا والظن واقع في طريقه

# قالوا والحكم بالنتيجة يتبع أضعف المقدمات وأحسن المقدمات فالموقوف على الظن أولى أن يكون ظنا # وليس الأمر كما توهموا بل لم يفهموا كلام هؤلاء فإن هذا الظن ليس هو عندهم دليل العلم بوجوب العلم به ولا مقدمة من مقدمات دليله ولكنهم يقولون قامت الأدلة القطعية من النصوص والإجماع مثلا على وجوب العلم بالظن الحاصل عن خبر الواحد والقياس وذلك العلم حصل بأدلته المفيدة له لم يحصل بهذا الظن ولا مقدماته # لكن التقدير إذا حصل لك أيها المجتهد ظن فعليك أن تعمل به وحصول الظن في النفس وجدى يجده المرء في نفسه ويحسه كما يجد عمله ويحسه فمعرفته بحصول الظن يقينى ومعرفته بوجوب العمل به يقينى فهاتان مقدمتان علميتان إحداهما سمعية والأخرى وجدية # وصار هذا كما لو قيل له إذا حصل لك مرض في الصوم أنه يجوز لك الفطر وإذا حصل مرض يمنعك القيام في الصلاة فأعلم أن عليك أن تصلى قاعدا فإذا وجد المرض في نفسه علم حينئذ حكم الله باباحة الفطر وبالصلاة قاعدا فهكذا وجود الظن عندهم في نفس المجتهد # وإذا علم أن هذا حقيقة قولهم تبين حينئذ فساد ما ذكروه من غير تلك الجهة وهو أن هذا يقتضى ألا يكون الفقة إلا العلم بوجوب

العمل بهذه الظنون والاعتقادات الحاصلة عن أمارات الفقه على اصطلاحهم # ومعلوم أن هذا العلم هو من أصول الفقه وهو لا يخص مسألة دون مسألة ولا فيه كلام في شئ من أحكام الأفعال كالصلاة والجهاد والحدود وغير ذلك وهو أمر عام كلى ليس هو الفقه بأتفاق الناس كلهم إذ الفقه يتضمن الأمر بهذه الأفعال والنهى عنها إما علما وإما ظنا # فعلى قولهم الفقه هو ظن وجوب هذه الأعمال وظن التحريم وظن الاباحة وتلك الظنون هي التي دلت عليها هذه الأدلة التي يسمونها الأمارات كخبر الواحد والقياس فإذا حصلت هذه الظنون حصل الفقه عندهم # وأما وجوب العلم بهذا الظن فهذاك شئ آخر وهذا الذي ذكروه إنما يصلح أن يذكر في جواب من يقول كيف يسوغ لكم العمل بالظن فهذا يورد في أصول الفقه في تقرير هذه الطرق إذا قيل إنها إنما تفيد الظن قيل وكيف يسوغ اتباع الظن مع دلالة الأدلة الشرعية على خلاف ذلك # فيقولون في الجواب المتبع إنما هو الأدلة القطعية الموجبة للعمل

بهذا الظن والعامل بتلك الأدلة متبع للعلم لا للظن أما أن يجعل نفس الفقه الذي هو علم ظنا فهذا تبديل ظاهر وأتباعهم الأذكياء تفطنوا لفساد هذا الجواب # وقد تجيب طائفة أخرى كأبي الخطاب وغيره عن هذا السؤال بأن العلم يتناول اليقين والاعتقاد الراجح كقوله تعالى فإن علمتموهن مؤمنات [سورة الممتحنة 10] وأن تخصيص لفظ العلم بالقطعيات اصطلاح المتكلمين والتعبير هو باللغة لا بالاصطلاح الخاص # والمقصود هنا ذكر أصلين هما بيان فساد قولهم الفقه من باب الظنون وبيان أنه أحق بأسم العلم من الكلام الذي يدعون أنه علم وأن طرق الفقه احق بأن تسمى أدلة من طرق الكلام # والأصل الثاني بيان أن غالب ما يتكلمون فيه من الأصول ليس بعلم ولا ظن صحيح بل ظن فاسد وجهل مركب # ويترتب على هذين الأصلين منع التكفير بأختلافهم في مسائلهم وأن التفكير في الأمور العملية الفقهية قد يكون أولى منه في مسائلهم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير