تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

# فإن قيل فإذا كان القدر السابق لا ينافى الأسباب فما وجه ما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله إني رجل شاب وأنا أخاف على نفسي العنت ولا أجد ما أتزوج به النساء فسكت عني ثم قلت مثل ذلك فسكت عني ثم قلت مثل ذلك فسكت عني ثم قلت مثل ذلك فقال النبي ص يا أبا هريرة جف القلم بما أنت لاق فاختص على ذلك أو دع # فهذا يقتضى أن اختصاءه الذي قصد أن يمتنع به من الفاحشة لا يدفع المقدور # وكذلك في الصحيح عن أبي سعيد الخدري أنهم سألوا النبي ص عن العزل فقال النبي ص لا عليكم أن تفعلوا فما من نسمة كتب الله أن تكون إلا وهي كائنة فهذا

يقتضى ان عزل الماء وهو سبب لعدم العلوق لا فائدة فيه لدفع ما كتبه الله من الاولاد # وفي الصحيحين عن ابن عباس وهو في مسلم عن عمران بن حصين وهذا لفظه أن النبي ص قال يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب قال ومن هم يا رسول الله قال هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون # فقال عكاشة ادع الله يجعلني منهم قال أنت منهم فقام رجل فقال يا نبي الله ادع الله ان يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة # فقد جعل التوكل ها هنا موجبا لترك الاكتواء والاسترقاء وهما من الأسباب # وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال قالت ام حبيبة زوج النبي ص اللهم امتعنى بزوجي رسول الله وبأبي أبي سفيان وبأخي معاوية قال فقال النبي ص قد سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة لن يعجل الله

شيئا قبل أجله ولن يؤخر شيئا عن أجله ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار أو عذاب في القبر كان خيرا وأفضل قال وذكرت عنده القردة والخنازير هي من مسخ فقال إن الله لم يجعل لمسخ نسلا ولا عقبا وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك # وفي رواية قال رجل يا رسول الله القردة والخنازير هي مما مسخ فقال النبي ص إن الله لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا فهذا الحديث أخبر فيه أن الدعاء وهو من الأسباب لا يفيد في إطالة الأعمار ويفيد في النجاة من عذاب الآخرة # قيل ليس كل ما يظنه الإنسان سببا يكون سببا وليس كل سبب مباحا في الشريعة بل قد تكون مضرته أعظم من منفعته فينتهي عنه وليس كل سبب مقدورا للعبد فالعبد يؤمر بالسبب الذي أحبه الله ويؤذن له فيما أذن الله فيه مع أمره بالتوكل على الله تعالى فأما ما لا قدرة له فيه فليس فيه إلا التوكل على الله والدعاء له وذلك من أعظم الأسباب التي يؤمر بها العبد أيضا # وما كان من الأسباب محرما لرجحان فساده على صلاحه أو غير

نافع لا يفيد بل يظن أنه نافع فإنه لا يؤمر به أيضا فلا يؤمر بما لا فائدة فيه وما كان فساده راجحا نهى عنه # وجماع الأمر أن الأسباب إما أن تكون مقدورة أو غير مقدورة فغير المقدور ليس فيه إلا الدعاء والتوكل والمقدور إما أن يكون فساده راجحا أو لا يكون فإن كان فساده راجحا نهى عنه وإن لم يكن فساده راجحا فينهى عنه كما ينهى عن إضاعة المال والعبث وأما السبب المقدور النافع منفعة راجحة فهو الذي ينفع ويؤمر فقه به ويندب اليه الأحاديث # وايضا فينبغى أن التوكل على الله من أعظم الأسباب فربما كان بعض الأسباب يضعف التوكل فإذا ترك ذلك كمل توكله فهذا التقسيم حاصر والقدر يأتى على جميع الكائنات وبهذا يتبين فقه الأحاديث # أما حديث الاختصاء فإن الاختصاء محرم لرجحان مفسدته وقد ثبت في الصحيح عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال زجر رسول الله ص عثمان بن مظعون عن التبتل ولو أذن لاختصينا

# وبين النبي ص أنه مع ركوب الاختصاء المحرم لا يسلم من الزنا بل لا بد أن يفعل ما كتب عليه منه كما في الصحيحين عن النبي ص أنه قال كتب الله على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالة فالعينان تزنيان وزناهما النظر واللسان يزني وزناه المنطق والأذنان تزنيان وزناهما الاستماع واليد تزني وزناها البطش والرجل تزني وزناها الخطا والنفس تتمنى والفرج يصدق ذلك أو يكذبه # وأما حديث العزل فالعزل لا يمنع انعقاد الولد ولا تركه يوجب الولادة ولهذا لو عزل عن سريته وأتت بولد ألحق به فإن الماء سباق مع ما فيه من ترك لذة الجماع فأخبر النبي ص بأن الولد المكتوب يكون عزلت أو لم تعزل كما قال ليس من كل الماء يكون الولد فلا يكون ترك العزل سببا للولادة ولا العزل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير