تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رضاه ليس هو مجرد إرادته فإنه قد قال عدد خلقه والمخلوق هو الذي أراده وشاءه فلو كان رضاه هو إرادته لكان مراده موجودا فإن مراده قد وجد قبل هذا الكلام فإنه ما شاء الله كان وهذا الكلام

يقتضي أن رضى نفسه أعظم من ذلك ومن ذلك أنه جمع بين رضا نفسه ومداد كلماته فأثبت له الرضا والكلام والرضا مستلزم الإرادة وإن لم يكن هو عين الإرادة ففيه إثبات كلامه ورضاه الذي يتضمن محبته ومشيئته # وهاتان الصفتان الصفتان هما اللتان أنكرهما الجعد بن درهم أول الجهمية لما زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا إذ لا محبة له ولا رضا ولم يكلم موسى تكليما وعن ذلك نفت المعتزلة أن يكون له في نفسه إرادة أو كلام ولم يجعلوا ذلك إلا مخلوقا في غيره # وتقرب منهم طائفة من الأشعرية فأثبتت الإرادة ولم يجعلوا المحبة والرضا صفة إلا الإرادة وأثبتت الكلام ولم يجعلوه إلا معنى واحدا قائما بذاته فوافقوا أهل الإثبات في بعض الحق والجهمية في بعض الباطل # ومن ذلك أنه انتقل من صفة المخلوق إلى صفة الخالق فذكر عدد المخلوقات وذكر وزن سقفها وأعظمها كما في الحديث الصحيح قال النبي ص إذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنها وسط الجنة وأعلى الجنة وسقفها عرش الرحمن

فصل يتعلق بالسماع قال أبو القاسم القشيري في باب السماع قال الله

تعالى فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه [سورة الزمر 18] # قال أبو القاسم اللام في قوله القول تقتضي التعميم والاستغراق والدليل عليه أنه مدحهم بأتباع الأحسن # قلت وهذا يذكره طائفة منهم أبو عبد الرحمن السلمي وغيره وهو غلط بأتفاق الأمة وأئمتها لوجوه # احدهما أن الله سبحانه وتعالى لا يأمر باستماع كل قول بإجماع المسلمين حتى يقال اللام للاستغراق والعموم بل من القول ما يحرم استماعه ومنه ما يكره كما قال النبي ص من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة

# وقد قال تعالى وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين وما على الذين يتقون من حسابهم من شئ ولكن ذكرى لعلهم يتقون [سورة الأنعام 68 69] # فقد أمر سبحانه بالإعراض عن كلام الخائضين في آياته ونهى عن القعود معهم فكيف يكون استماع كل قول محمودا # وقال تعالى وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيا ت الله يكفر بها ويستهزئ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم [سورة النساء 140] # فجعل الله المستمع لهذا الحديث مثل قائله فكيف يمدح كل مستمع كل قول # وقال تعالى قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون [سورة المؤمنون 1 3] # وقال تعالى وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما إلى قوله وإذا مروا باللغو مروا كراما [سورة الفرقان 63 72] # وروى أن ابن مسعود سمع صوت لهو فأعرض عنه فقال النبي ص إن كان ابن مسعود لكريما

# فإذا كان الله تعالى قد مدح وأثنى علي من أعرض عن اللغو ومر به كريما لم يستمعه كيف يكون استماع كل قول مدوحا # وقد قال تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا [سورة الإسراء 36] فقد أخبر أنه يسأل العبد عن سمعه وبصره وفؤاده ونهاه أن يقول ما ليس له به علم # وإذا كان السمع والبصر والفؤاد كل ذلك منقسم إلى ما يؤمر به وإلى ما ينهى عنه والعبد مسئول عن ذلك كله كيف يجوز أن يقال كل قول في العالم كان فالعبد محمود على استماعه هذا بمنزلة أن يقال كل مرئي في العالم فالعبد ممدوح على النظر إليه # ولهذا دخل الشيطان من هذين البابين على كثير من النساك فتوسعوا في النظر إلى الصور المنهى عن النظر إليها وفي استماع الأقوال والأصوات التي نهوا عن استماعها ولم يكتف الشيطان بذلك حتى زين لهم أن جعلوا ما نهوا عنه عبادة وقربة وطاعة فلم يحرموا ما حرم الله ورسوله ولم يدينوا دين الحق # كما حكى عن أبي سعيد الخراز أنه قال رأيت إبليس في النوم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير