تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الذنوب وتذكر وعد الحق ووصول الأحوال الحسنة إلى قلبه فهو مستحب # وعلى هاتين المقدمتين بني من قال بأستحباب ذلك مثل أبي عبد الرحمن السلمى وأبي حامد وغيرهما وفي هؤلاء من قد يوجبه أحيانا إذا رأوا أنه لا يؤدي الواجب إلا به # وكذلك يفضلونه على سماع القرآن إذا رأوا أن ما يحصل بسماع الألحان أكثر مما يحصل بسماع القرآن وهم في ذلك يضاهون لمن يوجب من الكلام المحدث ما يوجبه ولمن يفضل ما فيه من العلم على ما يستفاد من القرآن والحديث # لكن في أولئك من يرى الإيمان لا يتم إلا بما ابتدعوه من الكلام وفيهم من يفكى بمخالفته او يفسق # وأهل السماع أيضا فيهم من يرى الإيمان لا يتم إلا به وفيهم من يقول في منكره الأقوال العظيمة وقد يكون يسعى في قتل منكره لكن جنسهم كان خيرا من جنس المتكلمة مما فعلوا غير ذلك

من الذنوب كما يستحبون علم الكلام ويوجبونه ويذمون تاركه ويسبونه ويعاملونه من العداوة بما يعامل به الكافر وبإزاء استحباب هؤلاء أو ايجابهم أن قوما من أهل العلم يكفرونهم بأستحباب ذلك أو إيجابه ولهذا تجد في المستحبين له وفي المنكرين له من الغلو ما اوجب الافتراق والعداوة والبغضاء وأصل ذلك ترك الفريقين جميعا لما شرعه الله من السماع الشرعي الذي يحبه الله ورسوله وعباده المؤمنون # وهاتان المقدمتان كلاهما غلط مشتمل على دليل مجمل من جنس استدلالهم بما ظنوه من العموم في قوله الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه [سورة الزمر 18] وبما وعد الله به في الآخرة من السماع الحسن # ولهذا نشأ من هاتين المقدمتين اللتين لبس فيهما الحق بالباطل قول لم يذهب إليه أحد من سلف الأمة ولا أئمتها فإنه وإن نقل عن بعض أهل المدينة وغيرهم أنه سمع الغناء فلم يقل أحد منهم أنه مستحب في الدين ومختار في الشرع اصلا بل كان فاعل ذلك منهم يرى مع ذلك كراهته وأن تركه أفضل أو يرى أنه من الذنوب وغايته أن يطلب سلامته من الإثم او يراه مباحا كألتوسع في لذات المطاعم والمشارب والملابس والمساكن فأما رجاء الثواب بفعله والتقرب إلى الله فهذا لا

يحفظ عن أحد من سلف الأمة وأئمتها بل المحفوظ عنهم أنهم رأوا هذا من ابتداع الزنادقة كما قال الحسن بن عبد العزيز الجروي سمعت الشافعي يقول خلفت ببغداد شيئا أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن # والتغبير هو الضرب بالقضيب غبر أي أثار غبارا وهو آلة من الآلات التي تقرن بتلحين الغناء # والشافعي بكمال علمه وإيمانه علم ان هذا مما يصد القلوب عن القرآن ويعوضها به عنه كما قد وقع أن هذا إنما يقصده زندبق منافق من منافقة المشركين أو الصابئين وأهل الكتاب فإنهم هم الذين أمروا بهذا في الأصل كما قال ابن الرواندي اختلف الفقهاء في

السماع فقال بعضهم هو مباح وقال بعضهم هو محرم وعندي أنه واجب وهذا مما اعتضد به أبو عبد الرحمن في مسألة السماع وهذا متهم بالزندقة # وكذلك ابن سينا في إشاراته أمر بسماع الألحان وبعشق الصور وجعل ذلك مما يزكي النفوس ويهذبها ويصفيها وهو من

الصابئة الذين خلطوا بها من الحنيفة ما خلطوا وقبله الفارابي كان إماما في صناعة التصويت موسيقيا عظيما # فهذا كله يحقق قول الشافعي رضي الله عنه ونحن نتكلم على المقدمتين إن شاء الله بكلام يناسب ما كتبته هنا # فأما احتجاجه بأن النبي ص سمع ما أنشد بين يديه من الأشعار ولم ينكره وأنه قال ما يشبه الشعر فيقال بل الشعر أعظم مما وصفته فقد ثبت في الصحيح عن النبي ص أنه قال إن من الشعر حكمة

# وقال جاهدوا المشركين بأيديكم وألسنتكم وأموالكم # وكان ينصب لحسان منبرا لينشد الشعر الذي يهجو فيه المشركين وقال اللهم أيده بروح القدس وقال ص له إن روح القدس معك ما دمت تنافح عن نبيه # وقال عن عبد الله بن رواحة إن أخا لكم لا يقول الرفث

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير