تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

# وكانوا يتشددون في أمر الذنوب والمعاصي حتى كفروا المسلمين وأوجبوا لهم الخلود في النار # ولا ريب أن كثيرا من النساك والعباد والزهاد قد يكون فيه شعبة من الخوارج وإن كان مخالفا لهم في شعب أخرى فلزوم زي معين من اللباس سواء كان مباحا أو كان مما يقال إنه مكروه بحيث يجعل ذلك دينا ومستحبا وشعارا لأهل الدين هو من البدع أيضا فكما أنه لا حرام إلا ما حرمه الله فلا دين إلا ما شرعه الله # الوجه الثاني ان قولهم إن هذا السماع يحصل محبوب الله وما حصل محبوبه فهو محبوب له قول باطل وكثير من هؤلاء أو أكثرهم حصل لهم الضلال والغواية من هذه الجهة فظنوا أن السماع يثير محبة الله ومحبة الله هي أصل الإيمان الذي هو عمل القلب وبكمالها يكمل وهي فيما يذكره أبو طالب وغيره نهاية المقامات وربما قال بعضهم هي المقام التي يرتقي مقدمة العامة وساقه الخاصة ويقول من يقول منهم إن السماع هو من توابع المحبة وأنهم إنما فعلوه لما يحركه من محبة الله سبحانه وتعالى إذ السماع يحرك من كل قلب ما فيه فمن كان في قلبه حب الله

ورسوله حرك السماع هذا الحب وما يتبع الحب من الوجد والحلاوة وغير ذلك كما يثير من قلوب أخرى محبة الأوثان والصلبان والإخوان والخلان والأوطان والعشراء والمردان والنسوان ولهذا يذكر عن طائفة من أعيانهم سماع القصائد في باب المحبة كما فعل ابو طالب # فيقال إن ما يهيجه هذا السماع المبتدع ونحوه من الحب وحركة القلب ليس هو الذي يحبه الله ورسوله بل اشتماله على ما لا يحبه الله وعلى ما يبغضيه أكثر من اشتماله على ما يحبه ولا يبغضبه وحده عما يحبه الله ونهيه عن ذلك أعظم من تحريكه لما يحبه الله وإن كان يثير حبا وحركة ويظن أن ذلك يحبه الله وأنه مما يحبه الله فإنما ذلك من باب اتباع الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى # ومما يبين ذلك أن الله سبحانه وتعالى بين في كتابه محبته وذكر موجباتهما وعلاماتها وهذا السماع يوجب مضادا لذلك منافيا له # وذلك أن الله يقول في كتابه ^ ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ^ [سورة البقرة 165] # وقال ^ قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ^ [سورة آل عمران 31] # ويقول ^ فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين ^

^ أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ^ [سورة المائدة 54] # فهذه ثلاثة أصول لاهل محبة الله إخلاص دينهم ومتابعة رسوله والجهاد في سبيله # فإنه اخبر عن المشركين الذين يتخذون الأنداد أنهم يحبونهم كما يحبون الله ثم قال ^ والذين آمنوا أشد حبا لله ^ [سورة البقرة 165] فالمؤمنون أشد حبا لله من المشركين الذين يحبون الأنداد كما يحبون الله فمن أحب شيئا غير الله كما يحب الله فهو من المشركين لا من المؤمنين # ومحبة رسوله من محبته ولهذا قال رسول الله ص في الحديث المتفق عليه في الصحيحين والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين # وفي صحيح البخاري أن عمر قال له يا رسول الله والله لأنت أحب إلي من كل شئ إلا من نفسي فقال لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك قال فأنت أحب إلى من نفسي قال فأنت الآن يا عمر

# وفي الصحيحين أنه قال ثلاث من كن فيه فقد وجد حلاوة الإيمان وفي لفظ لا يجد حلاوة الإيمان إلا من كان فيه ثلاث خصال أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار # وقد قال الله تعالى قل إن كان أباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فيتربصوا حتى يأتي الله بأمره فلم يرض منهم أن يكون حبهم لله ورسوله كحب الأهل والمال وأن يكون حب الجهاد في سبيله كحب الأهل والمال بل حتى يكون الجهاد في سبيله الذي هو تمام حبه وحب رسوله أحب إليهم من الأهل والمال # فهذا يقتضي أن يكون حبهم لله ورسوله مقدما على كل محبة ليس عندهم شئ يحبونه كحب الله بخلاف المشركين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير