تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

# وهؤلاء المنكرون فيهم المقتصد في إنكاره ومنهم المتأول بزيادة في الإنكار غير مشروعة # كما أحدث أولئك ما ليس مشروعا وصار على تمادى الايام يزداد المحدث من السماع ويزداد التغليظ في أهل الإنكار حتى آل الأمر من أنواع البدع والضلالات والتفرق والاختلافات إلى ما هو من أعظم القبائح المنكرات التي لا يشك في عظم إثمها وتحريمها من له أدنى علم وإيمان # وأصل هذا الفساد من ذلك التأويل في مسائل الاجتهاد فمن ثبته الله بالقول الثابت أعطى كل ذي حق حقه وحفظ حدود الله فلم يتعدها ^ ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ^ [سورة الطلاق 1] فالشر في التفريط بترك المأمور أو العدوان بتعدي الحدود وحصلت الزيادات في جميع الأنواع المبتدعة # فإن أصل سماع القصائد كان تلحينا بإنشاد قصائد مرققة للقلوب تحرك تحريك المحبة والشوق أو الخوف والخشية أو الحزن والأسف وغير ذلك وكانوا يشترطون له المكان والإمكان والخلان فيشترطون أن يكون المجتمعون لسماعها من أهل الطريق المريدين لوجه الله والدار الآخرة وأن يكون الشعر المنشد غير متضمن لما يكره سماعه في الشريعة وقد يشترط بعضهم أن يكون القوال منهم وربما اشترط بعضهم ذلك في

الشاعر الذي انشأ تلك القصائد وربما ضموا إليه آلة تقوى الصوت وهو الضرب بالقضيب على جلد مخدة أو غيرها وهو التغبير # ومن المعلوم أن استماع الأصوات يوجب حركة النفس بحسب ذلك الصوت الذي يوجب الحركة وهو يوجب الحركة # وللأصوات طبائع متنوعة تتنوع آثارها في النفس وكذلك للكلام المسموع نظمه ونثره فيجمعون بين الصوت المناسب والحروف المناسبة لهم # وهذا الأمر يفعله بنو آدم من أهل الديانات البدعية كالنصارى والصابئة وغير أهل الديانات ممن يحرك بذلك حبه وشوقه ووجده أو حزنه وأسفه أو حميته وغضبه أو غير ذلك فخلف بعد أولئك من صار يجمع عليه أخلاطا من الناس ويرون اجتماعهم لذلك شبكة تصطاد النفوس بزعمهم إلى التوبة والوصول في طريق أهل الارادة # وأحدث بعد أولئك أيضا الاستماع من المخانيث المعروفين بالغناء لأهل الفسوق والزنا وربما استمعوه من الصبيان المردان أو من النسوان الملاح كما يفعل أهل الدساكر والمواخير # وقد يجمعون في السماع أنواع الفساق والفجار وربما قصدوا التكاثر بهم والافتخار لا سيما إن كانوا من أهل الرياسة واليسار وكثيرا

ما يحضر فيه أنواع المردان وقد يكون ذلك من أكبر مقاصد أهل السماع وربما ألبسوهم الثياب المصبغة الحسنة وأرقصوهم في طابق الرقص والدوران وجعلوا مشاهدتهم بل معانقتهم مطلوبا لمن يحضر من الأعيان وإذا غلبهم وجد الشيطان رفعوا الأصوات التي يبغضها الرحمن # وكذلك زادوا في الابتداع في إنشاد القصائد فكثيرا ما ينشدون أشعار الفساق والفجار وفيهم كثير ينشدون أشعار الكفار بل ينشدون ما لا يستجيزه أكثر اهل التكذيب وإنما يقوله أعظم الناس كفرا برب العالمين وأشدهم بعدا عن الله ورسوله والمؤمنين # وزادوا أيضا في الآلات التي تستثار بها الأصوات مما يصنع بالأفواه والأيدي كأبواق اليهود ونواقيس النصارى من يبلغ المنكرات كأنواع الشبابات والصفارات وأنواع الصلاصل والأوتار المصوتات ما عظمت به الفتنة حتى ربا فيها الصغير وهرم فيها الكبير وحتى اتخذوا ذلك دينا وديدنا وجعلوه من الوظائف الراتبة بالغداة والعشى كصلاة الفجر والعصر وفي الأوقات والاماكن الفاضلات واعتاضوا به عن القرآن والصلوات # وصدق فيهم قوله ^ فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة ^

^ واتبعوا الشهوات ^ [سورة مريم 59] وصار لهم نصيب من قوله تعالى ^ وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ^ [سورة الأنفال 35] إذ المكاء هو الصفير ونحوه من الغناء والتصدية هي التصفيق بالأيدي فإذا كان هذا سماع المشركين الذي ذمه الله في كتابه فكيف إذا اقترن بالمكاء الصفارات المواصيل وبالتصدية مصلصلات الغرابيل وجعل ذلك طريقا ودينا يتقرب به إلى المولى الجليل # وظهر تحقيق قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل # بل أفضى الأمر إلى أن يجتمع في هذا السماع على الكفر بالرحمن والاستهزاء بالقرآن والذم للمساجد والصلوات والطعن في أهل الإيمان والقربات والاستخفاف بالأنبياء والمرسلين والتحضيض على جهاد المؤمنين ومعاونة الكفار والمنافقين واتخاذ المخلوق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير