تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المصنف- موزون والثاني مكيل. فحينئذٍ في هذه الحالة إذا باع المكيل بالموزون فإنه يجوز التفاضل، ويجوز النسأ والتأخير، ولا يشترط التقابض، وقد بينّا دليل ذلك من حديث ابن عباس رضي الله عنهما؛ لأنه لا يرى أن هذا من جنس الربوي، وهذا بناءً على أن المصنف يرى أن الطعام يختص بعلة الكيل، فإذا قال لك: مكيل بموزون، فمعناه: مطعوم بغير المطعوم والمطعوم، بغير المطعوم سواءً كان من جنس الربويات أو غير الربويات فإنه يجوز ولا بأس به. لكن على ما رجحناه في المطعومات، فإن الإشكال هو في المطعومات، فلو بادل الموزون منها بالمكيل، أو ما يباع وزناً بما يباع كيلاً على أن كلاً منهما -أي: الطعام الذي هو من جنس الربويات- علته الطعم مع الكيل أو الوزن، فحينئذٍ يجري الربا، فلو بادل البرتقال موزوناً بالتمر المكيل، وجب التقابض فيه؛ لأن جنس المطعوم المكيل، وجنس المطعوم الموزون كل منهما يحرص الشرع على إعطائه يداً بيد؛ بدليل تحريمه إذا تمحض كيلاً أو تمحض وزناً. ولذلك قالوا: إن كل مطعوم من كيل أو موزون يجب فيه التقابض، سواءً اتفقا: كبرتقال ببرتقال، وتفاح بتفاح، وتمر بتمر، وشعير بشعير، وأرز بأرز، ودخن بدخن، أو اختلفا: كتمر ببر، أو اختلفا كيلاً ووزناً، كتمر بتفاح، وقس على هذا. وعلى هذا يقال: إن العلة في النسأ الكيل مع الوزن، وبعض العلماء يقول: العلة وجوب الطعم، فلا يجوز بيع الطعام بالطعام نسيئة مطلقاً، سواءً كانا مكيلين أو موزونين أو غير ذلك، وعلى هذا يختلف إذا باعه من جنس المعدودات.

حكم النسأ فيما لا كيل فيه ولا وزن قال رحمه الله: [وما لا كيل فيه ولا وزن كالثياب والحيوان يجوز فيه النسأ]. الثياب تباع بالعدد، فتقول: أعطني ثوباً أو ثوبين أو ثلاثة أثواب، فلو بادل ثوباً بثوبين، أو ثوباً بثلاثة، أو ثوباً بأثواب، أو ثوبين بثلاثة، أو غير ذلك؛ صح ولا بأس به، ولا يشترط التماثل ولا التقابض. فلو أعطاه الثوب الآن، وقال: غداً سأستلم منك الثياب، فلا بأس به؛ لأن هذا معدود، وكذلك لو كان طاقات القماش؛ لأنها تباع بالذرع، فليست بمكيلة ولا موزونة، وإنما هي مذروعة، فطاقات القماش إذا بيعت بالأمتار، فإنه يجوز أن يبيع الطاقة بالطاقتين، والطاقة بالثلاث؛ لأنها من جنس المعدودات، وليست من جنس المكيلات والموزونات. وكذلك أيضاً: لو بادله الكتاب بالكتابين؛ لأن الكتاب لا يباع كيلاً ولا وزناً، وإنما يباع عدداً، فتقول: أعطني كتاباً أو كتابين أو ثلاثة مجلدات أو أربعة مجلدات، فأنت تشتري الكتاب ولا تكيله ولا تزنه، ولو اشترى مثلاً الغترة بالغترتين، أو الطاقية بالطاقيتين أو الطواقي؛ جاز وصح البيع، سواءً اختلف أو اتفق قماشها، فكل ذلك جائز ولا بأس به. وهكذا لو بادله القلم بالقلمين، أو الدفتر بالدفترين، وغير ذلك مما هو موجود في زماننا، فكل ذلك جائز؛ لأنه من جنس المعدودات التي ليست مكيلة ولا موزونة. والدليل على أن المعدود يجوز فيه التفاضل والنسأ: قول عبد الله رضي الله عنهما: (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آخذ البعير بالبعيرين)، والبعير معدود وليس بمكيل ولا موزون، فقوله: (آخذ البعير بالبعيرين) هذا تفاضل، ثم قال: (إلى إبل الصدقة) أي: آخذ البعير الآن وأعطي البعيرين، فإذا جاء الناس ليدفعوا الزكاة أخذ من أبعرتهم ما يسد به الدين على بيت المال. فدل على جواز بيع المعدود بالمعدود سلفاً وديناً ونسيئة وتفاضلاً؛ لأنه أجاز البعير بالبعيرين تفاضلاً، وأجاز البعير بالبعيرين إلى أجل، فحصل النسأ والتأخير، ومن هنا قالوا: ما كان من غير الموزون والمكيل فإنه لا يجري فيه الربا، فيجوز التفاضل ويجوز النسيئة. وبعض العلماء يعلل ذلك ويقول: إن المكيلات العدل فيها أن تتساوى، فالصاع بالصاع يتساوى، لكن الصاع بالصاع إلا ربع أو بنصف صاع ظلم لصاحب الصاع الكامل، وقالوا: لو جاز في المكيلات تضرر الناس في أقواتهم، كما يقرر ذلك الإمام ابن القيم في الأعلام والزاد. لكن جنس المعدودات غالباً ما يكون العدل فيها بالتفاضل، فإذا جئت لتبيع الفرس بأفراس، فإنك تنظر إلى قيمة الفرس، ثم إذا قدرت الفرس بمائة أو بألف ريال مثلاً فتنظر إلى فرس صاحبك، فإذا كانت قيمته خمسين ريالاً فتقول: أقبل فرسي بفرسين من مثل هذا، لكن التمر حينما تأتي بكيلة متكاملة منضبطة مع كيلة متكاملة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير