تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على علم بالقواعد، مثل ذلك: لو ملأ لك البنزين بعشرة، ثم أعطيته المائة فقال: لا يوجد عندي الآن، فتقول له: اذهب واصرفها، فإذا قلت له: اذهب واصرفها، فقد وكلته. والفرق بين كونه هو بنفسه يخرج وبين كونك توكله: أنك إن وكلته صار أميناً، فلو تلفت بدون تفريط تلفت على ضمانك ولا تطالبه، وفي هذه الحالة يكون وكيلاً عنك وحكمه حكم الوكيل، فإذا جاء بالمائة وأعطاك ثم بعد ذلك تعطيه العشرة وتخرج، فليس هناك ضيق على الناس أو حرج أبداً، بل أي شيء فقد بينته الشريعة، وقد تحرم الشيء لكن هناك بديل عنه أفضل منه وأزكى. وبناءً على هذا فلابد من الصرف يداً بيد، فمتى افترق المتصارفان، سواء الاثنان أو أحدهما، وولى ظهره للآخر فقد تحقق الافتراق بينهما، وإن كان بينهما شيء فإنه يقع ربا النسيئة.

صور افتراق المتصارفين قبل القبض وقوله: (ومتى افترق المتصارفان قبل قبض الكل أو البعض بطل العقد فيما لم يقبض). مثال ما لم يقع القبض في الكل: إذا قال لك رجل: عندي مائة ألف ريال وأريد أن أبادلها بدولارات، فقلت له: إذاً أشتري منك هذه المائة ألف بعشرة آلاف دولار، فقال: إذاً أنا أعطيك غداً، فقلت: وأنا أعطيك غداً، فهو نسيئة بنسيئة، فافترق المتصارفان، ولم يحصل القبض من الكل، فلا هذا أعطى ولا هذا أعطى، فوقع فوات الشرط منهما معاً بالريالات، وكذلك صاحب الدولارات. ومثال ما إذا وقع القبض من أحدهما دون الآخر: لو قال رجل: عندي مائة ألف ريال وأريد أن أبادلك بها بعشرة آلاف دولار، فخذ المائة ألف وائتني بالعشرة آلاف، ففارقه ولم يعطه، بل أعطى أحدهما وأجل الآخر، فصار عيناً بذمة، إذاً: يقع الربا، سواءً حصل التأخير منهما أو من أحدهما. إذاً: التأخير إما أن يقع على الكل أو على البعض، أما التأخير للكل، فكما قلنا: أعطيك غداً وتعطيني غداً، فهذا تأخير للكل، وأما تأخير البعض: فكأن يقول له: عندي مائة ألف ريال، فاشترها مني بعشرة آلاف دولار، فيقول: سأعطيك الآن خمسة آلاف دولار، وأنت أعطني خمسين ألف ريال، وغداً أعطيك الخمسة آلاف الدولار الباقية، وتعطيني الخمسين ألفاً الباقية عندك، فصار هذا التأخير للبعض وليس للكل. فإذا وقع التأخير للبعض دون الكل فللعلماء وجهان: فقيل: يبطل العقد فيهما؛ لأن الصفقة واحدة. وقيل: يصح في المعجل ويبطل في المؤجل. أي: يصح في الخمسة آلاف المعجلة، وحينئذٍ فكل منهما ملك ما أخذ، فإن جاءوا في اليوم الثاني ليأتوا بالباقي فنقول: أنشئا عقداً جديداً، فقد بطل العقد الأول ولا يجوز. وفائدة هذا: إذا اختلف السعر، فإذا اشترى منه مثلاً عشرة آلاف دولار بمائة ألف ريال، فأعطاه الخمسة آلاف دولار بخمسين ألفاً وتقابضا، ثم قال: غداً سأعطيك الباقي، فارتفع سعر الدولار، أو ارتفع سعر الريال، فحينئذٍ نقول: العقد عقد جديد، وأنشئا عقداً جديداً، فلو باعه في اليوم الثاني بضعف بيعه في الأول، أو نزل السعر فباعه بأقل، فهذا عقد جديد. هذا بالنسبة للمقبوض، وقد مثلنا بالريالات؛ لأنها أنشط وتعين الناس أكثر، أما في الطعام، فلو قال لك: عندي مائة صاع تمر من السكري، وأنت قلت: وأنا عندي مائة صاع من البرحي، فيجب أن يكون يداً بيد، فإذا قال: ليس عندي الآن إلا خمسة وسبعون صاعاً، وقلت أنت: وأنا ليس عندي إلا خمسة وسبعون صاعاً. فأعطيته ثلاثة أرباع الصفقة، وأعطاك هو ثلاثة أرباع الصفقة، وبقي الجزء المتبقي، فيقال: يصح البيع بثلاثة أرباع الصفقة، ويلغى في الربع الذي وقع الربا فيه. وهذا معنى قوله: (بطل العقد فيما لم يقبض) فإن لم يحصل التقابض بالكل بطل بالكل، وإن حصل التقابض في البعض صح في البعض، وبطل فيما لم يحصل التقابض فيه. وبناءً على هذا: لو صرف لك المائة دولار بعشرة آلاف ريال، فأعطاك نصفها، ثم ارتفع السعر أو نزل، فقد تحمل كل منكما المسئولية بعد تصحيح العقد الأول، وصح في جزء ما حصل القبض فيه، وأما ما عداه فإنه يحكم ببطلانه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير