تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

# و كذلك سائر ما حرمه الله و كرهه مما فيه جمال فإن ذلك لاشتماله على مكروه ألحق على ما فيه مما يبغضه الله أعظم مما فيه من محبوبه و لتفويته ما هو أحب إليه منه # وكذلك الصور الجميلة من الرجال و النساء فإن أحدهم إذا كان خلقه سيئا بأن يكون فاجرا أو كافرا معلنا أو منافقا كان البغض أو المقت لخلقه و دينه مستعليا على ما فيه من الجمال # كما قال تعالى عن المنافقين و إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم [سورة المنافقون 4] # وقال و من الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا [سورة البقرة 204] فهؤلاء إنما أعجبه صورهم الظاهرة للبصر و أقوالهم الظاهرة للسمع لما فيه من الأمر المعجب لكن لما كانت حقائق أخلاقهم التي هي أملك بهم مشتملة على ما هو أبغض الأشياء و أمقتها إليه لم ينفعهم حسن الصورة و الكلام # وقال النبي ص إن الله لا ينظر إلى صوركم و لا إلى أموالكم و إنما ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم

و كذلك المرأة و الصبي إذا كان فاجرا فإن ذلك يفوت حسن الخلق و التقوى التي هي أحب إلى الله من ذلك و يوجب بغض الله للفاحشة و لصاحبها و لسئ الخلق و مقته و غضبه عليه ما هو أعظم بكثير مما فيه من الجمال المقتضى للمحبة # وكذلك القوة و إن كانت من صفات الكمال التي يحبها الله # فإذا كانت الإعانة على الكفر والفجور الذي بغض الله له ومقته عليه وتفويته لما يحبه من الإيمان والعمل الصالح أعظم بكثير من مجرد ما في القوة من الامر المحبوب ترجح جانب البغض بقدر ذلك # فإذا كانت القوة في الإيمان كان الأمر كما قال النبي ص المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ومن المعلوم أن الله يحب الحسنات وأهلها ويبغض السيئات وأهلها فهو يحب كل ما أمر به أمر إيجاب أو أمر استحباب وكل ما حمده وأثنى عليه من الصفات مثل العلم والإيمان والصدق والعدل والتقوى والإحسان وغير ذلك ويحب المقسطين ويحب التوابين ويحب المتطهرين ويحب المحسنين والذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ويبغض الكفر وأنواعه والظلم والكذب والفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أغير منه وكل ما حرمه يبغضه

# فإذا كان مع الجمال أو غيره مما فيه وجه محبة ما هو بغيض من الفواحش أو الكذب أو الظلم أو غير ذلك كما ذكره في قوله ^ قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ^ [سورة الأعراف 33] فإن ذلك يفوت ما هو أحب إلى الله من الجمال بكثير ويوجب من مقت الله وبغضه ما هو أعظم بكثير مما لمجرد الجمال من الحب ويوجب النهي عما يوجب هذه السيئات الكثيرة ويفوت الجمال الأفضل وهو كمال الخلق وحسنه وما في ذلك من الحسنات وكان ما في ذلك من المبغضات وترك المحبوبات راجحا على الحب الذي للجمال # وعلى هذا يجري الأمر على محبة الإنسان للشئ الجميل من الصورة والنظر إليه وما يدخل في ذلك من قوة الحب والزيادة فيه التي تسمى العشق فإن ذلك إذا خلا عن المفسدة الراجحة مثل أن يحب الإنسان امرأته وجاريته حبا معتدلا أو يحب ما لا فتنة فيه كحبه للجميل من الدواب والثياب ويحب ولده وأباه وأمه ونحو ذلك من محبة الرحم كنوع من الجمال الحب المعتدل فهذا حسن

# أما إذا أحب النساء الاجانب أو المردان ونحو ذلك فهذا الحب متضمن للمحبة الحيوانية وليس في ذلك مجرد محبة الجمال والمحبة الحيوانية مما يبغضها الله ويمقتها وتوابعها منهى عنها مع ذلك سواء كان مع المحبة فعل الفاحشة الكبرى أو كانت للتمتع بالنظر والسماع وغير ذلك # فالتمتع مقدمات الوطء فإن كان الوطء حلالا حلت مقدماته وإن كان الوطء حراما حرمت مقدماته وإن كان في ذلك رفض للجمال كما فيه رفض للذة الوطء المحرم فإن ما في ذلك مما يبغضه الله ويمقت عليه أعظم مما في مجرد الجمال من الحب المتضمن وذلك متضمن لتفويت محاب الله من التقوى والعفاف والإقبال على مصالح الدين والدنيا أعظم بكثير مما فيها من مجرد حب الجمال فلهذا كانت هذه مذمومة منهيا عنها حتى حرم الشارع النظر في ذلك بلذة وشهوة وبغير لذة وشهوة إذا خاف الناظر الفتنة والفتنة مخوفة في النظر إلى الأجنبية الحسنة والأمرد الحسن في أحد قولي العلماء الذي يصححه كثير من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما وهذا قد يختلف بأختلاف العادات والطبائع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير